للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمه لما ذكرنا ولو بقى بين أسنانه شئ فابتلعه ذكر لا يفسد صومه وان أدخله حلقه متعمدا.

روى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى أنه أن تعمد عليه القضاء ولا كفارة عليه.

ووفق ابن أبى مالك فقال ان كان مقدار الحمصة أو أكثر يفسد صومه وعليه القضاء ولا كفارة.

كما قال أبو يوسف رحمه الله تعالى وقول أبى يوسف محمول عليه وان كان دون الحمصة لا يفسد صومه كما ذكر فى الجامع الصغير والمذكور فيه محمول عليه وهو الأصح (١). ولو أكره على الأكل أو الشرب فأكل أو شرب بنفسه مكرها وهو ذاكر لصومه لم يفسد صومه عند زفر رحمه الله تعالى لأن هذا أعذر من الناسى لأن الناسى وجد منه الفعل حقيقة وانما انقطعت نسبته عنه شرعا بالنص وهذا لم يوجد منه بالفعل أصلا فكان أعذر من الناسى ثم لم يفسده صوم الناسى فهذا أولى أما عندنا فيفسد صومه لأن معنى الركن قد فات لوصول المغذى الى جوفه بسبب لا يغلب وجوده ويمكن التحرز عنه فى الجملة فلا يبقى الصوم كما لو أكل أو شرب بنفسه مكرها وهذا لأن المقصود من الصوم معناه وهو كونه وسيلة الى الشكر والتقوى وقهر الطبع الباعث على الفساد على ما بينا ولا يحصل شئ من ذلك اذا وصل الغذاء الى جوفه.

وكذا النائمة الصائمة جامعها زوجها ولم تنتبه أو المجنونة جامعها زوجها فسد صمها عندنا خلافا لزفر والكلام فيه على نحو ما ذكرنا ولو تمضمض أو استنشق فسبق الماء حلقه ودخل جوفه فان لم يكن ذاكرا لصومه لا يفسد صومه لأنه لو شرب لم يفسد فهذا أولى وان كان ذاكرا فسد صومه عندنا.

وقال ابن ليلى رحمه الله تعالى ان كان وضوؤه للصلاة المكتوبة لم يفسد وان كان للتطوع فسد.

وقال بعضهم ان تمضمض ثلاث مرات فسبق الماء حلقه لم يفسد وان زاد على الثلاث فسد ولو احتلم فى نهار رمضان فأنزل لم يفطره لقول النبى صلّى الله عليه وسلّم ثلاث لا يفطرون الصائم القئ والحجامة والاحتلام ولأنه لا صنع له فيه فيكون كالناسى. ولو نظر الى امرأة وتفكر فأنزل لم يفطره فان تتابع النظر لم يفطر أيضا لأنه لم يوجد الجماع لا صورة ولا معنى لعدم الاستمتاع بالنساء فأشبه الاحتلام بخلاف المباشرة (٢).

ولو كان يأكل أو يشرب ناسيا ثم تذكر فأبقى اللقمة أو قطع الماء أو كان يتسحر فطلع الفجر وهو يشرب الماء فقطعه أو يأكل فألقى اللقمة فصومه تام لعدم الأكل والشرب بعد التذكر والطلوع ولو كان يجامع امرأته فى النهار ناسيا لصومه فتذكر فنزع من ساعته أو كان يجامع فى الليل فطلع الفجر وهو مخالط‍ فنزع من ساعته.

وقال زفر رحمه الله تعالى فسد صومه وعليه القضاء لأن جزأ من الجماع حصل بعد طلوع الفجر والتذكر وأنه يكفى لفساد الصوم لوجود المضادة له وان قل وأما عندنا فصومه تام وأن الموجود منه بعد الطلوع والتذكر هو النزع والنزع ترك الجماع وترك الشئ لا يكون محصلا له بل يكون اشتغالا بضده فلم يوجد منه الجماع بعد الطلوع والتذكر رأسا فلا يفسد صومه ولهذا لم يفسد فى الأكل والشرب وكذا فى الجماع وهذا اذا نزع بعد ما تذكر أو بعد ما طلع الفجر فأما


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر بن مسعود الكاسانى ج ٢ ص ٩٠ الطبعة الأولى طبع
(٢) المرجع السابق ج ٢ ص ٩١ الطبعة السابقة