للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالنفى والاثبات، فقال تارة بامتناع مخالفتاه، وتارة بالجواز، وتابعه على كل واحد من القولين جماعة.

والمختار إنما هو المنع من المخالفة، وأنه حجة لا زمة لأن العمومات الدالة على عصمة الأمة عن الخطأ، ووجوب اتباعهم فيما أجمعوا عليه: عامة فى كل ما أجمعوا عليه (١).

ويتفق الحنفية فى ذلك مع الآمدى.

وزادوا: أن بعضهم يرى أن الأمور المستقبلة كأشراط‍ الساعة، وأمور الآخرة لا تحتاج إلى إجماع، أى لا يحتاج إلى الاحتجاج فيها بالإجماع، لأن الغيب لا مدخل فيه للاجتهاد والرأى، إذ لا يكفى فيه الظن فلا بد من دليل قطعى عليه، أى فإن جاء نص قطعى ثبت فيغنى عن الإجماع

وعلق شارح مسلم الثبوت على هذا بقوله: والحق أنه يصح الاحتجاج فيها أيضا لتعاضد الدلائل، إلخ (٢).

ويوافق المالكية أيضا على التفصيل الذى ذكره الآمدى (٣) وكذلك الزيدية وأضافوا التمسك به أيضا فى الأمور اللغوية (٤).

ولم نجد ما يخالف ذلك فى المذاهب الأخرى، إلا حين يعرفون الإجماع فيذكرون أنه على أمر دينى، وقد استوفانا هذا فى التعريف.

[إجمال]

[١ - تعريف المجمل]

(ا) الإجمال فى اللغة: المجمل لغة هو المبهم من أجمل الأمر إذا أبهم، وقيل هو المجموع، من أجمل الحساب إذا جمعه وجعله جملة واحدة، وقيل هو المتحصل من أجمل الشئ اذا حصله، والجملة جماعة كل شئ بكماله (٥).

(ب) تعريف الإجمال فى اصطلاح الأصوليين:

يعرف من تعريفهم للمجمل على اختلافهم فى ذلك.

(ج‍) تعريف المجمل عند الحنفية:

المجمل عند الأحناف أحد أقسام أربعة للمبهم: وهى الخفى، والمشكل، والمجمل، والمتشابه. ولهم فيه تعريفات منها:

المجمل، وهو ما ازدحمت فيه المعانى واشتبه المراد منه اشتباها لا يدرك بنفس العبارة بل بالرجوع إلى الاستفسار، ثم الطلب ثم التأمل (٦).

ومنها المجمل «لفظ‍ لا يفهم المراد منه إلا باستفسار من المجمل وبيان من


(١) الأحكام للآمدى ج‍ ١ ص ٤٠٦.
(٢) شرح مسلم الثبوت ج‍ ٢ ص ٢٤٦.
(٣) الذخيرة ج‍ ١ ص ١١١.
(٤) هداية العقول ج‍ ١ ص ٥٩٤.
(٥) انظر لسان العرب ج‍ ١١ ص ١٢٨، والقاموس المحيط‍ ج‍ ٣ ص ٥٣١.
(٦) أصول البزدوى وشرحه كشف الأسرار ج‍ ١ ص ٤٥، والمنار وشرحه ج‍ ١ ص ٣٦٥.