للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالإمام فإن كان وقوفه خلف الإمام أو بحذائه أجزأه لما روى عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أنه وقف على سطح المسجد واقتدى بالإمام وهو في جوفه ولأن سطح المسجد تبع للمسجد وحكم التبع حكم الأصل فكأنه في جوف المسجد وهذا إذا كان لا يشتبه عليه حال إمامه فإن كان يشتبه لا يجوز وإن كان وقوفه متقدما على الإمام لا يجزئه لإنعدام معنى التبعية كما لو كان في جوف المسجد وكذلك لو كان على سطح بجنب المسجد متصل به ليس بينهما طريق فاقتدى به صح اقتداؤه لأن السطح إذا كان متصلا بسطح المسجد كان تبعا لسطح المسجد وتبع سطح المسجد في حكم المسجد فكان اقتداؤه وهو عليه كاقتدائه وهو في جوف المسجد إذا كان لا يشتبه عليه حال الإمام ولو اقتدى خارج المسجد بإمام في المسجد إن كانت الصفوف متصلة جاز وإلا فلا لأن ذلك الموضع بحكم اتصال الصفوف يلتحق بالمسجد هذا إذا كان الإمام يصلى في المسجد فأما إذا كان يصلى في الصحراء فإن كانت الفرجة التي بين الإمام والقوم قدر الصفين فصاعدا لا يجوز اقتداؤهم به لأن ذلك بمنزله الطريق العام أو النهر العظيم فيوجب اختلاف المكان. وذكر في الفتاوى أنه سئل أبو النصر عن إمام يصلى في فلاة من الأرض كم مقدار ما بينهما حتى يمنع صحة الاقتداء قال إذا كان مقدار ما لا يمكن أن يصطف فيه جازت صلاتهم فقيل له لو صلى في مصلى العيد قال حكمه حكم المسجد ولو كان الإمام يصلى على دكان والقوم أسفل منه جاز ويكره أما الجواز فلأن ذلك لا يقطع التبعية ولا يوجب خفاء حال الإمام وأما الكراهة فلشبهة اختلاف المكان.

[مذهب المالكية]

مرتبة الإمام (١) في الصلاة أن يتقدم على المأمومين فإذا كان المأموم واحد صلى عن يمين الإِمام مع تأخره عنه قليلا وإن كان أكثر من واحد صلوا خلفه وقد اختلف المالكية فيما إذا تقدم أحد المأمومين أو كلهم على الإمام فكره بعضهم الصلاة أمام الإمام أو محاذاته بلا ضرورة كضيق ونحوه. وعلة كراهة التقدم خوف أن يطرأ على الإِمام ما لا يعلمونه مما يبطلها وقد يخطئون في ترتيب الركعات إذا تقدموه أما إذا تقدموه لضرورة فلا كراهة. وقال ابن عزم في شرح الرسالة سنة الإِمام التقدم وسنة المأموم التأخر فإن عكس الأمر فالصلاة باطلة في حقهما وإن كان مع الإمام طائفة خلفه فإن اضطرت الطائفة الأخرى إلى التقدم جاز وإلا كره (٢).

ورأى بعضهم أن وقوف المأموم أمام الإمام من غير ضرورة مبطل لصلاته وهو ضعيف، ومن المدونة (٣) قال مالك لا بأس في الصلاة في


(١) انظر شرح المحقق سيدى أبى عبد الله محمد الخرشى على المختصر الجليل للإمام أبى الضياء سيدى خليل جـ ٢ ص ٢٩ وما بعدها وبهامشه حاشية العلامة على العدوى الطبعة الثانية طبع المطبعة الكبرى الاميرية بمصر سنة ١٣١٧ هـ وانظر كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل المعروف بالحطاب وبهامشه التاج والأكليل لمختصر خليل الشهير بالمواق جـ ١ ص ١٠٦ وما بعدها الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٨ هـ، وانظر كتاب بلغة السالك لأقرب المسالك للعالم الشيخ أحمد الصاوى على الشرح الصغير للقطب الشهير سيدى أحمد الدردير جـ ١ ص ١٤٨ وما بعدها طبع المكتبة التجارية بمصر.
(٢) حاشية الشيخ على العدوى على شرح الخرشى جـ ٢ ص ٢٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) انظر كتاب التاج والأكليل للعلامة المواق على هامش الخطاب جـ ٢ ص ١٠٦ وما بعدها الطبعة السابقة.