للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دور محجورة بصلاة الإِمام في غير الجمعة إذا رأوا عمل الإِمام والناس من كوى لها أو مقاصير أو سمعوا تكبيره فيكبروا ويركعوا بركوعه ويسجدوا بسجوده فذلك جائز وقد صلى أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى محجرهن اقتداء بصلاة الإِمام. قال مالك: ولو كانت الدور بين يدى الإمام كرهت ذلك فإن صلوا فصلاتهم تامة وكره أن يكون الإمام في أسفل السفينة والمأمومون في أعلاها. قال مالك في المدونة: إذا صلى الإِمام في السفينة والناس فوق سقفها فلا بأس إذا كان إمامهم قدامهم ولا يعجبنى أن يكون فوق السقف والناس أسفل ولكن يصلى الذين فوق السقف بإمام والذين أسفل بإمام، وعلة كراهة (١) اقتداء الذين بأسفل السفينة بمن بأعلاها عدم تمكنهم من مراعاة الإِمام وقد تدور فيختل عليهم أمر الصلاة. ولذا قال ابن حبيب: يعيد الأسفلون في الوقت. قال ابن يونس وليس ذلك كالدكان حيث يكون فيها مع الإمام قوم وفى أسفلها قوم فافترقا في الحكم، ويجوز (٢) أن يكون المأموم أعلى من الإمام ولو على سطح بأن يكون المأموم على سطح والإِمام أسفل منه وهذا قول مالك الأول واختيار ابن القاسم. ورجح مالك إلى كراهة ذلك فقد قال في كتاب الصلاة الأول من المدونة: وجائز أن يصلى الرجل في غير الجمعة بصلاة الإمام على ظهر المسجد والإمام في داخل المسجد ثم كرهه. وقال ابن بشير اختلف قول مالك في المدونة في الإمام يصلى في المسجد ويصلى القوم فوق المسجد بصلاته فكرهه مرة وأجازه أخرى وعللت الكراهة بالبعد عن الإِمام. وقيل إن الكراهة لكون المأموم لا يشاهد أفعال الإمام وقيل إن الكراهة لتفريق الصفوف فعلى القول الأول لو كان السطح قريبا لم يكره وعلى القول الثاني إن شاهد المأموم أفعال الإِمام أو شاهد أفعال المأمومين لم يكره. وعلى القول الثالث يكره مطلقا. وتعليل الكراهة بالبعد هو الظاهر لما رأى ابن القاسم أن هذا البعد يمكن معه مراعاة أفعال الإمام بحصول السماع من غير تكليف أجازه، ولذلك كره (٣) لمن كان بجبل أبى قبيس أن يصلى بصلاة الإمام في المسجد الحرام لكثرة البعد. قال ابن بشير: واختلف الأشياخ في صلاة من فعل ذلك فمنهم من قال بالصحة ومنهم من قال بالبطلان وهو خلاف في حال فإن أمكنهم مراعاة فعل الإِمام صحت وإن تعذر عليهم ذلك بطلت وهذا يعلم بالمشاهدة - هذا بالنسبة لعلو المأموم عن الإمام، أما إذا كان الإمام (٤) على مكان أعلى من مكان المأموم فقد اختلف في حكم ذلك. قال الحطاب نقلا عن ابن غازى وغيره إن ذلك لا يجوز. قال ابن بشير وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصلى الإمام على أنشز أي أرفع مما عليه أصحابه. وذكر في الطراز عن عمار بن ياسر أنه كان يصلى بالمدائن فأقيمت الصلاة فتقدم عمار وقام على دكان يصلى والناس أسفل منه فتقدم حُذيفة وأخذ على يديه فتبعه عمار حين أنزله حنيفة فلما فرغ عمار رضى الله تعالى عنه من صلاته قال له حذيفة ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا أم الرجل القوم فلا يقم في مكان أرفع من مكانهم أو نحو ذلك؟


(١) انظر كتاب الخرشى وبهامشه حاشية الشيخ العدوى جـ ٢ ص ٢٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) انظر كتاب الحطاب على خليل جـ ٢ ص ١١٧، ص ١١٨ وما بعدهما الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق جـ ٢ ص ١٠٦ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق جـ ٢ ص ١١٨ وما بعدها الطبعة السابقة.