للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال عمار: لذلك اتبعتك حين أخذت على يدى - خرجه أبو داود - قال ابن فرحون: لأن الإمامة تقتضى الترفع فإذا انضاف إلى ذلك علوه عليهم في المكان دل على قصده الكبر، وقال صاحب التهذيب: لا يصلى الإمام على شئ أرفع مما عليه أصحابه فإن فعل أعادوا أبدا لأنهم يعبثون إلا الارتفاع اليسير فتجز بهم الصلاة. وقال سند: قال مالك رحمه الله تعالى في إمام يصلى بقوم على ظهر المسجد والناس خلفه أسفل من ذلك قال لا يعجبنى ذلك. وقوله لا يعجبنى ذلك ليس فيه ما ينفى الصحة. وقال ابن القاسم وكره مالك أن يصلى الإمام على شئ هو أرفع مما يصلى عليه من خلفه مثل الدكان يكون في المحراب ونحوه من الأشياء. قال سحنون قلت له فإن فعل قال عليهم الإعادة وإن خرج الوقت لأن هؤلاء يعبثون إلا أن يكون على دكان يسير مثل ما عندنا بمصر فإن صلاتهم تامة ومقتضى كلام أهل المذهب صحة صلاتهم، ولو افتتح (١) الإمام الصلاة على موضع عال منفردا فجاء رجل فأئتم به لم يكره لأن الإمام لم يقصد إلى العبث والتكبر ومحل كراهة علو الإمام على المأمومين إذا لم تدع إلى ذلك الضرورة فأما إن دعت فلا بأس به. قال ابن عزم في شرح الرسالة إن ضاق الموضع ودعت الضرورة إلى صلاة الإمام في مكان مرتفع ولا يسع زيادة عليه جاز وروى عن الإمام مالك رحمه الله تعالى في الإمام يصلى في السفينة وبعضهم فوقه وبعضهم تحته قال فإن لم يجدوا بدا فذلك جائز. قال الحطاب: والظاهر من كلام المدونة وصاحب الطراز إذا لم يقصد الكبر فليس في ذلك إلا الكراهة، وكما اختلف (٢) المالكية في علو الإِمام على المأموم من عدم الجواز سواء حمل على الكراهة أو على المنع اختلفوا كذلك هل الحكم يشمل ما إذا كان مع الإمام طائفة من المأمومين أو كان وحده؟ اختار ابن الجلاب أنه إن كان مع الإمام طائفة فلا كراهة ويجوز وساق ابن الجلاب ذلك على أنه المذهب وحمل بعضهم كلام مالك المتقدم عليه وقال صاحب الطراز قال بعض أصحابنا إنما يمنع ذلك إذا كان الإمام وحده فأما إن كان مع الإمام طائفة فلا بأس به وهو اختيار ابن الجلاب واعتبر صاحب الطراز أن ظاهر المذهب أن لا فرق في ذلك أي سواء كان مع الإمام طائفة من المأمومين أو كان وحده، ومنع (٣) خليل والحطاب صلاة الإمام في مكان أعلى من المأمومين إذا كان يصلى معه في مكانه طائفة من أشراف الناس لأن ذلك مما يزيده فخرا وعظمة، وتبطل الصلاة إذا قصد الإمام أو المأموم بعلوه الكبر ولا خلاف في المذهب أن قصد الإمام إلى ذلك محرم وأنه متى حصل بطلت الصلاة عليه وعليهم وكذلك قالوا لو صلى المقتدون على موضع مرتفع قصدا للتكبر عن المساواة فإن صلاة القاصد إلى ذلك باطله، أما بالنسبة لموقف الإمام في صلاة الجنازة فإنه يندب (٤) وقوف إمام في الوسط بفتح السين - للميت الذكر ومنكبى المرأة ووقوف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسط امرأة لأنه معصوم مما يتذكره


(١) انظر كتاب الحطاب على خليل جـ ٢ ص ١٢٠ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) الحطاب على خليل جـ ٢ ص ١٢١ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق جـ ٢ ص ١١ الطبعة السابقة.
(٤) انظر كتاب حاشية الدسوقى على الشرح الكبير جـ ١ ص ٤١٨ وما بعدها الطبعة السابقة.