للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسلمها له ويكون المعرف عاقلا غير مشهور (١) بالخلاعة والمجون وأن لم يكن عدلا كما قاله ابن الرفعة ويكون التعريف فى الأسواق عند قيامها وأبواب المساجد عند خروج الناس منها لأنه أقرب الى وجدانها ويكره تنزيها - كما فى المجموع - لا تحريما خلافا لجمع مع رفع الصوت بمسجد كانشاءها فيه الا المسجد الحرام كما قاله الماوردى والشاش لأنه لا يمكن تملك لقطة الحرم فالتعريف فيه محض عبادة بخلاف غيره فان المعرف فيه متهم بقصد التملك، وبه يرد على من ألحق به مسجد المدينة والمسجد الأقصى وعلى تنظير الأذرعى فى تعميم ذلك لغير أيام الموسم.

وكذا يكون التعريف فى نحو الأسواق وأبواب المساجد من المحافل والمجامع ومحال الرجال وليكن أكثره فى محل وجودها.

ولا يجوز له أن يسافر بها بل يدفعها لمن يعرفها باذن الحاكم والا ضمن. نعم لمن وجدها بالصحراء أن يعرفها لمقصده قرب أم بعد استمر أم تغير وقيل: يتعين أقرب البلاد لمحلها وأختير وان جازت به قافلة تبعها وعرفها ويجب فى غير الحقير الذى لا يفسد بالتأخير أن يعرف سنة من وقت التعريف تحديدا للخبر الصحيح فيه، لأن السنة لا تتأخر فيها النوافل غالبا، وتمضى فيها الفصول الأربعة.

ولأنه لو لم يعرف سنة لضاعت الأموال على أربابها ولو جعل التعريف أبدا لامتنع من التقاطها فكانت السنة مصلحة للفريقين. ولا يشترط‍ استيعاب السنة فى التعريف بل يكون على العادة زمنا ومحلا وقدرا يعرف أولا كل يوم مرتين طرفى النهار أسبوعا ثم كل يوم مرة طرفه الى أن يتم أسبوعا آخر ثم كل أسبوع مرة أو مرتين أى الى أن يتم سبعة أسابيع ثم فى كل شهر مرة بحيث لا ينسى أن الأخير تكرار للأول. ولا يكفى فى التعريف سنة متفرقة - كأن يعرف اثنى عشر شهرا من اثنى عشر عاما فى الأصح لأن المفهوم من السنة فى الخبر التوالى قلت الأصح يكفى والله أعلم باطلاق الخبر وكما لو نذر صوم ستة ولو مات الملتقط‍ فى التاء التعريف بنى وارثه كما قاله الزركشى والعراقى رادا قول شيخه أن الأقرب الاستئناف.

ويذكر من يقوم بالتعريف ندبا بعض أوصافها ويحرم عليه استيعابها ولا يلزم مؤنة التعريف ان أخذ لحفظ‍ أولا لحفظ‍ ولا لتملك أو اختصاص لأن المصلحة للمالك بل يرتبها القاضى من بيت المال قرضا (٢). لما قاله ابن الرفعة لكن مقتضى كلامها انه تبرع واعتمده الأذرعى - أو يقترض من الملتقط‍ أو غيره على المالك أو بأمر الملتقط‍ به ليرجع على المالك أو يبيع جزءا منها أن رآه فيجتهد.

ويلزمه أن يفعل الأحظ‍ للمالك من هذه الأربعة فان أنفق على وجه غير ما ذكر فهو متبرع، وسواء فى ذلك أوجبنا أن يعرف أم لم نوجب ذلك على ما اعتمده السبكى والعراقى ونقله عن جمع لكن الذى فى الروضة كأصلها ان أوجبنا فعليه المؤنة، وان لم نوجبه فلا مؤنة عليه.

وان أخذ اللقطة شخص غير محجور عليه قاصدا بذلك التملك أو الاختصاص ابتداء أو فى الاثناء ولو بعد لقطه لحفظ‍ لزمه مؤنة التعريف وان لم يتملك بعد ذلك لأن الحفظ‍ له فى ظنه وقت التعريف، وقيل: ان لم يتملك فالمؤنة على المالك لعود الفائدة له. قال فى الروضة: وهو الأولى ليشمل ظهوره بعد التملك.

أما ان كان الملتقط‍ محجورا عليه فلا يخرج وليه مؤننه من ماله وان رأى أن التملك أحظ‍ له، بل يرفع الأمر الى الحاكم ليبيع جزءا منها لمؤنته، وان نازع الأذرعى فيه.


(١) المرجع السابق لشرح لفظ‍ المنهاج للرملى ج‍ ٥ ص ٤٢٦ الطبعة المتقدمة.
(٢) نهاية المحتاج الى شرح المنهاج لشمس الدين محمد ابن أبى العباس الرملى الشهير بالشافعى الصغير فى كتاب مع حاشية الشبراملسى وبهامشه المغربى ج‍ ٥ ص ٤٣٧ - ٤٣٨ طبع شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى وشركاه بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍.