للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رواه البخارى.

ولا يجزئ أن يصوم عن الشيخ الكبير والمريض الذى لا يرجى برؤه، ولا كفارة، لأنه عبادة بدنية محضة وجبت بأصل الشرع فلم تدخله النيابة كالصلاة.

وان سافر الكبير العاجز عن الصوم أو مرض فلا فدية عليه، لأنه أفطر بعذر معتاد، ولا قضاء لعجزه عنه.

وان أطعم الشيخ الكبير والمريض الذى لا يرجى برؤه والعاجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يسقط‍ عنه الإطعام لعدم القدرة عليه كفدية الحج. فمتى قدر عليه أطعم.

وجاء فى المغنى (١): ومن خاف على نفسه الهلاك لعطش أو نحوه يباح له الفطر وعليه أوجب الإطعام بدلا عن الصيام ان كان لا يرجو امكان القضاء، فان رجا ذلك فلا فدية عليه، والواجب انتظار القضاء وفعله اذا قدر عليه، لقول الله تبارك وتعالى «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ ٢ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ»

ولا يصار إلى الفدية الا عند اليأس من القضاء، فان أطعم مع يأسه ثم قدر على الصيام احتمل أن لا يلزمه، لأن ذمته قد برئت بأداء الفدية التى كانت هى الواجبة عليه فلم يعد إلى الشغل بما برئت منه، ولهذا قال الخرقى: فمن كان مريضا لا يرجى برؤه أو شيخا لا يستمسك على الراحلة أقام من يحج عنه ويعتمر، وقد أجزأ عنه وأن عوفى.

واحتمل أن يلزمه القضاء لأن الإطعام بدل يأس وقد تبينا ذهاب اليأس فأشبه من اعتدت بالشهور عند اليأس من الحيض ثم حاضت.

ثم قال (٣): ومن مات وعليه صيام من رمضان فان مات قبل امكان الصيام لضيق الوقت أو لعذر من مرض أو سفر أو عجز عن الصوم فهذا لا شئ عليه فى قول أكثر أهل العلم.

وحكى عن طاووس وقتاده أنهما قالا: يجب الإطعام عنه. لأنه صوم واجب سقط‍ بالعجز عنه فوجب الإطعام عنه كالشيخ الهرم اذا ترك الصيام لعجزه عنه.

ولنا أنه حق الله تعالى وجب بالشرع مات من يجب عليه قبل امكان فعله فسقط‍ إلى غير بدل كالحج.

ويفارق الشيخ الهرم فانه يجوز ابتداء الوجوب عليه بخلاف الميت، وان مات بعد امكان القضاء فالواجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين، وهذا قول أكثر أهل العلم، روى ذلك عن عائشة وابن عباس رضى الله تعالى عنهم

وقد روى ابن ماجة عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال «من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه


(١) المغنى لأبن قدامة المقدسى ج ٣ ص ١٧٩ ص ٨٠ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ١٨٤ من سورة البقرة.
(٣) المغنى لابن قدامة المقدسى ج ٣ ص ٨١، ٨٢، ٨٣، الطبعة السابقة.