للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شخص فانه يستحق جعل المثل سواء كان جعل المثل أكثر من المسمى أو أقل منه أو مساويا له بشرط‍ كون ذلك الشخص الآتى به من عادته طلب الإباق قان لم يكن عادته ذلك فلا جعل له وله النفقة فقط‍ (١)» والمراد من النفقة التى ذكرها هو ما أنفقه فى سبيل تحصيله فقد قال الدسوقى نفسه: أى فله ما أنفقه حال تحصيله على نفسه وعلى العبد من أجرة دابة أو مركب اضطر إليها بحيث لم يكن الحامل على صرف تلك الدراهم إلا تحصيله لأن تلك الدراهم بمثابة ما فدى به من ظالم، أما ما شأنه أنه ينفقه العامل على نفسه فى الحضر كالأكل والشرب فلا يرجع به على ربه، ثم قال تعليقا على كلام الدردير: وما أنفقه عليه من أكل وشرب، الأولى اسقاط‍ ذلك لأن نفقة الطعام والشراب والكسوة على ربه ولو وجب للعامل جعل المثل أو المسمى فإذا قام بها العامل رجع بها عليه (٢) أما إذا سمعه من شأنه رد الإباق ولو بالواسطة فلا شئ له إلا المسمى وفى حالة ما إذا لم يسمعه يكون لرب الآبق أن يترك عبده للعامل فقد قال الدردير: ولربه - أى الآبق - تركه للعامل حيث لم يسمع من عادته طلب الضول وأتى به لربه كانت قيمته قدر جعل المثل أو أقل أو أكثر ولا مقال له، بخلاف ما ادا سمعه سمى شيئا ولو بالواسطة فله ما سماه ولو زاد على قيمة العبد لأن ربه ورطه (٣) وكذلك يكون له جعل المثل إن اختلفا فى الجعل وتحالفا ولم يشهد الظاهر لقول أحدهما، فقد جاء فى الشرح الكبير للدردير بعد أن ذكر أن جعل المثل يكون لمن لم يسمع ولكنه معتاد لطلب الإباق: كحلفهما أى المتجاعلين بعد تخالفهما أى بعد اختلافهما فى قدر الجعل بعد تمام العمل ولم يشبها أى لم يشبه أحدهما فى قوله ظاهر الأمر فيقضى له بجعل المثل (٤) وإن جاء به اثنان يكون الجعل بنسبة ما سمى لكل منهما فقد جاء فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير أن رب الآبق إذا جعل لرجل درهما على أن يأتيه بعبده الآبق وجعل لأخر نصف درهم على أن يأتيه بعبده فأتيا به معا فإنهما يشتركان فى ذلك الدرهم، إذ هو غاية ما يلزم رب العبد بنسبة ما سماه لكل منهما بجموعة التسميتين فيأخذ الأول ثلثه ويأخذ الثانى ثلثه لأن نسبة نصف الدرهم إلى درهم ونصف: ثلث، ونسبة الدرهم كذلك ثلثان. ثم ذكر أن هذا هو المشهور وهو قول ابن القاسم، وآن ابن نافع وأبن عبد الحكم قالا أن لكل واحد منهما نصف ما جعل له، ورجحه التونسى واللخمى (٥).

هذا ما يتعلق بمقدار الجعل أما متى يستحق الجعل فإنه يكون عند تسليم الراد الآبق لسيده وذلك يكون بتمكينه منه أو أن يكون الآبق قد استحق لشخص آخر أو حرره سيده بعد وصوله إلى بلد صاحب الآبق وقبل قبضه له. فقد جاء فى شرح الدردير وحاشية الدسوقى عليه «يستحقه أى الجعل السامع من الجاعل ولو بواسطة أن ثبت أنه قاله بالتمام للعمل بتمكين ربه منه وذلك بأن يمكن المجاعل رب الشئ المجاعل عليه منه فإن أبق قبل قبضه


(١) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير للدردير ج‍ ٤ ص ٦٤ طبعة دار إحياء الكتب العربية.
(٢) المرجع السابق ص ٦٥ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ص ٦٤، ٦٥ الطبعة السابقة.
(٤) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير للدردير ج‍ ٤ ص ٦٤ الطبعة السابقة.
(٥) المرجع السابق ص ٦٥ الطبعة السابقة.