للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والله الذى لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الطالب الغالب الضار النافع الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، أما التغليظ‍ فى الزمان فهو أن يحلف بعد العصر لقول الله عز وجل «تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ} .. الآية» قيل المراد صلاة العصر لانه وقت تعظمه أهل الاديان أو يكون بين الاذان والاقامة لانه وقت يرجى فيه اجابة الدعاء فترجى فيه معالجة الكاذب وأما التغليظ‍ بالمكان (١) فانه يكون بمكة بين الركن والمقام لانه مكان شريف زائد على غيره فى الفضيلة ويكون ببيت المقدس عند الصخرة ويكون فى سائر البلاد كمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عند منبر الجامع لقول النبى صلى الله عليه وسلم: من حلف على منبرى هذا يمينا آثمة فليتبوأ مقعده من النار رواه أبو داود، والمرأة الحائض تقف عند باب المسجد وهى تحلف لانه يحرم عليها اللبث فى المسجد ويحلف أهل الذمة فى المواضع التى يعظمونها لان اليمين تغلظ‍ فى حقهم زمانا فكذا تغلظ‍ مكانا، واللفظ‍ الذى يغلظ‍ به على أهل الذمة هو أن يقول اليهودى والله الذى أنزل التوراة على موسى وفلق له البحر وأنجاه من فرعون وملئه وذلك لحديث أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لليهود: ناشدتكم بالله الذى أنزل التوراة على موسى ما تجدون فى التوراة على من زنى؟ رواه أبو داود، أما النصرانى فانه يقول فى حلفه والله الذى أنزل الانجيل على عيسى وجعله يحيى الموتى ويبرئ الاكمه والابرص لانه لفظ‍ تتأكد به يمين النصرانى فأشبه اليهودى وأما المجوسى فانه يقول والله الذى خلقنى وصورنى ورزقنى لان المجوسى يعظم خالقه، والوثنى والصابئ ومن يعبد غير الله يحلف بالله وحده.

وظاهر كلام الخرقى رحمه الله على ما جاء فى المغنى (٢) أن اليمين لا تغلظ‍ الا فى حق أهل الذمة فقط‍ ولا تغلظ‍ فى حق المسلمين ونحو هذا قال أبو بكر، ولا تغلظ‍ اليمين (٣) الا فيما له خطر كجناية لا توجب قودا أو عتق أو نصاب زكاة لان التغليظ‍ للتأكيد وما لا خطر فيه لا يحتاج الى تأكيد ولو أبى من وجبت عليه اليمين التغليظ‍ فى يمينه لم يصر بذلك ناكلا عن اليمين لانه قد بذل الواجب عليه فيجب الاكتفاء به ويحرم التعرض له قال فى النكت وفيه نظر لجواز أن يقال: يجب التغليظ‍ اذا رآه الحاكم وطلبه والا لما كان فيه فائدة زجر قط‍ ومال الى ذلك الشيخ تقى الدين، ولا يجوز أن يحلف بالطلاق قلت ولا بعتاق لحديث: من كان حالفا فليحلف بالله وقال ابن المنذر (٤):


(١) كشاف القناع ج‍ ٤ ص ٢٨٨.
(٢) المغنى والشرح الكبير عليه ج‍ ١٢ ص ١١٤ ص ١١٥.
(٣) كشاف القناع ج‍ ٤ ص ٢٨٨.
(٤) المغنى لابن قدامة ج‍ ١٢ ص ١١٨.