للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل حكى سند الاجماع على أن من كان دون مسافة القصر لا يعتبر فى حقه وجود الراحلة.

والدليل على الاعتبار بالقدرة دون الملك أن المتمكن من المشى الى الحج وهو منه على مسافة لا تقصر فيها الصلاة لم يعتبر فى وجوبه عليه الراحلة اجماعا.

ثم قال الحطاب: اذا فسرنا الاستطاعة بامكان الوصول كما هو المشهور دخل فى ذلك امكان المسير وأمن الطريق.

وان فسرناها بالزاد والراحلة قال سند فهما شرطان زائدان.

ونقل عن أصحاب الشافعى ومعظم أصحاب أبى حنيفة رحمهم الله أنهما شرطا وجوب وهو الجارى على أصول أصحابنا.

وقال الدسوقى فى حاشيته: الاستطاعة التى هى شرط‍ فى الوجوب عبارة عن امكان الوصول من غير مشقة عظيمة مع الامن على النفس والمال.

ويزاد على ذلك فى حق المرأة أن تجد محرما من محارمها يسافر معها أو زوجا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوما وليلة الا ومعها محرم، وأطلق فى المحرم فيعم المحرم من النسب والصهر والرضاع، ويعم المتجالة (١) والشابة، ولا يشترط‍ أن تكون هى والمحرم مرافقين، فلو كان أحدهما فى أول الركب والثانى فى آخره بحيث اذا احتاجت اليه أمكنها الوصول بسرعة كفى على الظاهر (٢).

واذا فسرت الاستطاعة بامكان الوصول كما هو المشهور دخل فى ذلك امكان المسير، ومعنى امكان المسير أن يبقى بينه وبين الحج زمان يمكنه المسير فيه السير المعتاد لتأدية الحج، لان فعل العبادة لا يجب الا بامكانه كسائر العبادات، قاله سند.

وقال غيره من المالكية: ان كان يمكنه تحمل المشقة فى ذلك لزمه الحج.

يقول الحطاب: والظاهر أنه اذا كان يمكنه حمل المشقة وليست عظيمة، فهو مستطيع، وان كانت المشقة عظيمة فالظاهر أنه لا يقول أحد بوجوب تحملها، ونقل عن صاحب الشامل أنه يعتبر الامن على النفس اتفاقا، وعلى المال من لصوص على المشهور.


(١) جاء فى لسان العرب لابن منظور مادة جلل: فى حديث جابر تزوجت امراه قد تجالت «أى أسنت وكبرت» وفى حديث أم صبية: كنا نكون فى المسجد قد تجاللن «أى كبرن» يقال تجالت فهى متجالة «بضم الميم وفتح التاء ج‍ ٤٣ ص ١١٦ الطبعة السابقة.
(٢) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج‍ ٢ ص ٩.