للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحطاب: السلطان الذى يخاف أنه متى حج اختل أمر الرعية ويفسد نظامهم من خوف عدو الدين أو المفسدين من المسلمين، ويغلب على الظن وقوع ذلك، فالظاهر أنه غير مستطيع، فقد سئل ابن رشد: ما قولكم فى سلطان عليه حجة الاسلام، وخاف أنه متى حج بنفسه اختل أمر الرعية وفسد نظامهم، واستولى الكفار على بلادهم، فهل يجوز له أن يستأجر من يحج عنه أم لا؟ وما الحكم فى ذلك؟ فأجاب: اذا تحقق ما ذكر فلا كلام فى سقوط‍ الحج عنه، لانه غير مستطيع، وان تحقق أن ما خشيه من اختلال أمور الرعية وصف لا يرجى زواله فهو كالمعضوب (١) فيجوز له الاستنابة على ما هو مشهور المذهب، وان رجى زوال ما خشيه فلا يجوز فيه الاستنابة كالمريض المرجو صحته.

وقال الحطاب (٢): وتشمل الاستطاعة الامن من القتل والاسر، والامن على البضع ولا خلاف فى اعتبار ذلك، ويشمل الامن على المال من اللصوص، قال الحطاب: وقد يطلق اللص على المحارب، وأما السارق الذى يندفع بالحراسة فلا يسقط‍ به الحج، ويشمل

أيضا الامن على المال من المكاس - وهو الذى يأخذ من أموال الناس شيئا مرتبا فى الغالب.

ونقل عن التوضيح عن أبى محمد عبد الصادق فى شرح الرسالة أنه قال:

قال مالك: فيمن لا يستطيع الحج من اللصوص هو عذر بين، ثم رجع بعد ما أفتى به زمانا فقال: لا ينجى حذر من قدر ويجب عليه الحج.

قال ابن المواز لم يقل ذلك مالك الا فى مدينة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وأما غيرها من الامصار فهو مخير ان شاء أجاب وان شاء ترك.

ونقل عن خليل أنه قال: الا لاخذ ظالم ما قل ولا يمكث - أى لا يعود للاخذ ثانيا على الاظهر، وذكر أن فى ذلك قولين.

أظهرهما عدم سقوط‍ الحج.

والثانى سقوطه.

ونقل الحطاب عن التوضيح: أنه ان كان ما يأخذه المكاس غير معين أو كان معينا مجحفا سقط‍ الوجوب.

وفى غير المحجف قولان.

أظهرهما عدم السقوط‍ وهو قول الابهرى واختاره ابن العربى وغيره.

والقول الآخر حكاه ابن القصار عن بعض الاصحاب.


(١) المعضوب هو الضعيف والزمن لا حراك به.
(٢) مواهب الجليل ج‍ ٢ ص ٤٩٤ الطبعة السابقة.