للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء فى التاج والاكليل (١): قال ابن القصار: اختلف أصحابنا فيمن لا يمكنهم الوصول الى الحج الا باخراج المال الى السلطان الجائر.

فقال بعضهم لا يجب الحج عليه.

وقال شيخنا أبو بكر الابهرى: ان لم يمكنه الا باخراج المال الكثير الذى يشق عليه ويخرج عن العادة لم يلزمه، وان كان شيئا قريبا فالحج واجب عليه.

وفى موضع آخر يقول الحطاب (٢)، تعليقا على ما أوردناه قبل من قول مالك حينما قيل له: الاستطاعة الزاد والراحلة، وقال: لا، والله ما ذاك الا طاقة الناس .. الخ.

قال الحطاب: ان ذلك يختلف باختلاف الناس، فقد يجب الحج بلا زاد ولا راحلة اذا كان المكلف له صنعة يعملها فى الطريق، وتقوم به بأن يقدر على فعلها، وتكون نافعة بحيث يحصل منها قوته، ويكون قادرا على المشى.

وفى التاج والاكليل بهامش الحطاب فى نفس الموضع: ان الحج تارة يجب بوجود الزاد والمركب، وتارة يجب مع عدمهما، وتارة يجب بوجود أحدهما،

ويقول الحطاب: ومن كانت به زمانة فى بعض أعضائه وأمكنه الوصول معها الى مكة بلا مشقة عظيمة مع الامن وجب عليه الحج كأعمى اذا وجد قائدا يقوده فى الطريق ولو بأجرة اذا قدر عليها وكانت له قدرة على المشى أو كانت له صنعة يعملها فى الطريق أو لا تكون له صنعة ووجد الزاد ومن يحمله أو كانت له قدرة على حمل زاده.

ومثل الاعمى أقطع اليدين وأشلهما وأقطع الرجلين وأشلهما والاعرج اذا قدروا على الوصول.

وقال خليل: واذا عجز عن الزاد أو الراحلة اعتبر المعجوز عنه منهما بالنسبة لسقوط‍ الوجوب، ونقل عن سند:

أنه اذا لم يقدر على المشى ولم تكن له صنعة اعتبر فى حقه وجود الزاد والراحلة فاذا قدر عليهما ولم يكن به مرض ولا ضعف يمنعه من الركوب فهذا يجب عليه الحج وان لحقته مشقة الا أن تكون عظيمة لا يمكنه تحملها، وان قدر على المشى ولم تكن له صنعة تقوم به اعتبر فى حقه وجود الزاد المبلغ الى مكة أو ما يرد به الى بلده، فان كانت له صنعة الا أنها لا تقوم به، ولكنه يجد من الزاد ما يقوم به مع الصنعة وجب عليه الحج، ولو كانت له صنعة تقوم به ولكنه لا يقدر على المشى اعتبر فى حقه وجود الراحلة.


(١) مواهب الجليل ج‍ ٢ ص ٤٩٥ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٤٩٨ الطبعة السابقة.