للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يتخذ الذمى شيئا من الحجاز دارا، وان رد بأن هذا ليس من ذاك.

وانما منع من الحجاز لقوله صلى الله عليه وسلم عند موته، أخرجوا المشركين من جزيرة العرب.

وفى رواية أن آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم «أخرجوا اليهود من الحجاز».

وفى أخرى أخرجوا يهود الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب، وليس المراد جميعها بل الحجاز منها، لأن عمر أجلاهم منه وأقرهم باليمن مع أنه منها.

وهو أى الحجاز مكة والمدينة واليمامة وقراها أى الثلاثة كالطائف وجدة وخيبر والينبع.

وقيل له الاقامة فى طرقه الممتدة بين هذه البلاد لأنها التى لا تعد منها نعم التى بحرم مكة يمنعون منها قطعا.

وجاء فى الأم (١): أن الامام الشافعى رحمه الله تعالى قال: ولا يبين لى أن يحرم أن يمر ذمى بالحجاز مارا لا يقيم ببلد منها أكثر من ثلاث ليال وذلك مقام مسافر، لأنه قد يحتمل أمر النبى صلى الله عليه وسلم باجلائهم عنها أن لا يسكنوها، ويحتمل لو ثبت عنه لا يبقين دينان بأرض العرب «لا يبقين دينان مقيمان»، ولولا أن عمر ولى الخراج أهل الذمة لما ثبت عنده من أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم محتمل ما رأى عمر من أن أجل من قدم من أهل الذمة تاجرا ثلاث لا يقيم فيها بعد ذلك لرأيت أن لا يصالحوا بدخولها بكل حال.

قال الشافعى رحمه الله تعالى ولا يتخذ ذمى شيئا من الحجاز دارا ولا يصالح على دخولها الا مجتازا أن صولح.

قال الشافعى رحمه الله تعالى: فاذا أذن لهم أن يدخلوا الحجاز فذهب لهم بها مال أو عرض لهم بها شغل قيل لهم وكلوا بها من شئتم من المسلمين واخرجوا ولا يقيمون بها أكثر من ثلاث.

وأما مكة فلا يدخل الحرم أحد منهم بحال أبدا كان لهم بها مال أو لم يكن وان غفل عن رجل منهم فدخلها فمرض أخرج مريضا أو مات أخرج ميتا ولم يدفن بها، وان مات منهم ميت بغير مكة دفن حيث يموت أو مرض فكان لا يطيق أن يحمل الا بتلف عليه أو زيادة فى مرضه ترك حتى يطيق الحمل ثم يحمل.

قال وان صالح الامام أحدا من أهل الذمة على شئ يأخذه فى السنة منهم مما قلت لا يجوز الصلح عليه على أن


(١) من كتاب الام للامام أبى عبد الله محمد ابن ادريس الشافعى وبهامشه مختصر الامام الجليل أبى ابراهيم اسماعيل بن يحيى المزنى الشافعى المتوفى سنة ٢٦٤ ج ٤ ص ٩٩، ص ١٠٠ الطبعة الاولى طبع المطبعة الكبرى الاميرية ببولاق مصر سنة ١٣١١ هـ‍.