بسبب عدو أو فتنة أو حبس بدون حق، أو بحق لكن ثبت عسره، فالأفضل له التحلل بالنية، بأن ينوى الخروج من الاحرام، ومتى نوى ذلك صار حلالا ولا يحرم عليه شئ مما يحرم على المحرم.
ويسن له أن ينحر هديه ويحلق رأسه أو يقصر فان لم يكن معه هدى لا يجب عليه.
وقوله تعالى:«فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ» محمول على ما اذا كان الهدى مع المحصر من قبل كأن ساقه تطوعا، والنية فى الأصل كافية للتحلل ويجوز له البقاء على احرامه للعام القابل الا أن التحلل أفضل من البقاء على احرامه، وانما يجوز له التحلل بثلاثة شروط:
الأول: ان لم يعلم حين الاحرام أن هناك من يمنعه من عدو أو فتنة أو حبس، فان كان يعلم بذلك فليس له التحلل، بل يبقى على احرامه حتى يحج فى العام القابل، لكن ان علم بما يمنعه حين الاحرام وظن أنه لا يمنعه فمنعه فله حينئذ أن يتحلل بالنية، كما وقع للنبى صلى الله عليه وسلم حين أحرم بالعمرة عام الحديبية عالما بالعدو وهو يظن أنه لا يمنعه فمنعه، فلما منعه تحلل بالنية.
الثانى: أن ييأس من زوال المانع قبل فوات الحج بأن يعلم أن يظن أن المانع لن يزول قبل فوات الوقوف بعرفة فان لم ييأس اتنظر لعل المانع يزول.
الثالث: أن يكون الوقت متسعا لادراك الحج عند الاحرام به بحيث أنه اذا لم يمنع يتأتى له ادراكه، أما لو أحرم بوقت لا يدرك فيه الحج فليس له أن يتحلل، وان أحصر لأنه داخل على البقاء على احرامه، ولا يلزم المحصر طريق مخوف على نفسه وماله.
ثانيا: من وقف بعرفة وحصر عن البيت الحرام وما بعده عن مواضع النسك كمزدلفة ومنى لمرض أو عدو أو حبس ولو بحق أو فتنة فقد تم حجه لأن الحج عرفة، لكن لا يجوز له التحلل من احرامه الا بطواف الافاضة اذا كان قد قدم السعى، فان لم يكن قد سعى فلا يحل الا بطواف الافاضة والسعى ولو بعد سنين، فان بقى محصرا حتى فاته النزول بمزدلفة ورمى الجمار والمبيت بمنى ليالى الرمى فعليه هدى واحد لفوات الجميع.
ثالثا: من تمكن من البيت وأحصر عن الوقوف بعرفة فله أن يتحلل من احرامه ان شاء، وان شاء بقى على احرامه للعام القادم، لكن ان دخل مكة أو قاربها فالأفضل له التحلل، ويكره له البقاء على احرامه لقابل، ويكون التحلل بفعل عمرة ما لم يفته الوقوف وهو بمكان بعيد عن مكة جدا، فحينئذ يكون له التحلل بالنية كالمحصور عن البيت والوقوف معا، وفسر التحلل بالعمرة بأن يطوف ويسعى ويحلق بنية العمرة من غير تجديد احرام غير الأول بل ينوى التحلل من احرامه الأول بفعل العمرة ويخرج المتحلل بالعمرة للحل ليجمع