له أخذ العوض عن الحق اذا لم يكن ملكا، ولا حقا متقررا.
أما الحق الذى ليس بمتقرر فلا يجوز الاعتياض عنه.
هذا رأى الأكثرين من الحنفية وعلى رأسهم المتقدمون وأكثر المتأخرين.
وذهب بعض المتأخرين الى أن الحقوق التى أثبتها الشارع للانسان اما أن يكون القصد منها دفع الضرر عنه، وحماية مصالحه المشروعة، كحق الشفعة أعطاه الشارع للشفيع لدفع الضرر الذى قد يلحقه بمخالطة المشترى السئ فى الشركة، أو مجاورته فى الجوار، وكحق الخيار أعطاه الشارع للمتصرف لدفع الضرر الذى قد ينجم من البيع أو الشراء.
وفى مثل هذه الحقوق لا يجوز الاعتياض عنها سواء كان متقررا أو مجردا، لأن من يثبت له اذا رضى باسقاطها بالعوض يتبين أنه لا ضرر يلحقه من زوالها فتسقط وتزول دون عوض.
واما أن يكون الشارع قد أثبت الحق للانسان أصالة لا على وجه رفع الضرر عن صاحبها كحق القصاص. وملك النكاح والعتق فانه يصح الاعتياض عنها مجردا كان الحق أو متقررا.
والحق ما ذهب اليه الأكثرون، لأنه الذى يتفق مع ما قرره فقهاء الحنفية، ونصوا على أحكامه فى الفروع المختلفة.
فقد نصوا على أنه يصح الخلع والطلاق والعتق على مال، ويقع الطلاق ويحصل العتق ويجب المال، ولو اصطلح الولى عن دم العمد على مال صح، وسقط القصاص ووجب المال، وان صالح الشفيع عن شفعته على عوض بطلت الشفعة ولم يجب العوض، وكذا لو باع شفعته بمال كان تسليما ولا يجب المال لأن البيع تمليك مال بمال وحق الشفعة لا يحتمل التمليك فيصير كلامه عبارة عن الاسقاط.
أما الصلح عن دعوى الشفعة على مال فيجوز ويجب المال ويكون افتداء اليمين، لأن الأصل أنه متى توجهت اليمين على شخص فى أى حق كان فافتدى اليمين بمال، فانه يجوز على الأصح، واذا أبرأ المكفول له الكفيل بالنفس عن هذه الكفالة بمال يشترطه عليه فى مقابلة البراءة لا يجب المال، واذا أداه اليه الكفيل كان له أن يرجع فيه لأن الكفالة بالنفس ليست مالا ولا تؤول الى المال أصلا. وهى مجرد حق.
ثم هل تسقط الكفالة فى هذه الصورة أو لا تسقط؟ روايتان أصحهما أنها تسقط.