للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ايجاب الصلاة فى حق الأموات على العموم، والشهداء أموات حقيقة وحكما، بدليل جواز قسمة أموالهم، وتزوج نسائهم، وغير ذلك فترجح العبارة على الاشارة. هكذا ذكر فى بعض الشروح.

ومثاله كذلك قول النبى صلّى الله عليه وسلم فى النساء «انهن ناقصات عقل ودين، فقيل: ما نقصان دينهن؟ قال: تقعد احداهن فى قعر بيتها شطر دهرها أى نصف عمرها - لا تصوم ولا تصلى». سيق الكلام لبيان نقصان دينهن.

وفيه اشارة الى أن أكثر الحيض خمسة عشر يوما كما ذهب اليه الشافعى.

هو معارض بما روى أبو أمامة الباهلى رضى الله تعالى عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام. وفى بعض الروايات: أقل الحيض للجارية البكر والثيب ثلاثة أيام ولياليها وأكثره عشرة أيام وهو عبارة فترجح على الاشارة (١).

ومن ذلك قول الله تعالى - «وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ٢» فان هذا النص مسوق لبيان منة الوالد على الولد، لأنه تعالى أمر بالاحسان الى الوالدين، ثم بين السبب فى جانب الأم بقوله تعالى «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٣». والكره المشقة ثم زاد فى البيان بقوله: «وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» أى مشقة الحمل لم تكن مقتصرة على زمان قليل بل هى مع مشقات الرضاع ممتدة هذه المدة، وفى ذلك اشارة الى أن أقل مدة الحمل ستة أشهر كما قال على وابن عباس رضى الله تعالى عنهم فيما روى أن أمرأة ولدت لستة أشهر من وقت التزوج فرفع ذلك الى عمر - وفى رواية الى عثمان رضى الله تعالى عنهما - فهم برجمها فقال على وابن عباس رضى الله تعالى عنهم: أما انها لو خاصمتكم بكتاب الله لخصمتكم - أى غلبتكم فى الخصومة - قال الله تعالى: «وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» وقال عز اسمه:

«وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ٤» فبقى ستة أشهر لحملها فأخذ عمر بقوله وأثنى عليه، ودرأ عنها الحد.

وقال أبو اليسر رحمه الله تعالى: وهذه اشارة غامضة وقف عليها عبد الله بن عباس بدقة فهمه، وقد اختفى هذا


(١) كشف الأسرار على أصول البزدوى ج ٢ ص ٢١٠، ص ٢١١ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ١٥ من سورة الأحقاف.
(٣) الآية رقم ١٥ من سورة الأحقاف.
(٤) الآية رقم ٢٣٣ من سورة البقرة.