العادة أنه أشفق على المحضون وأرأف به وأقوى لمنافعه وهى الأم لا اختلاف بين أحد من أهل العلم أن الأم أحق بالحضانة من الأب ومن سائر الأولياء من الرجال والنساء لقول النبى صلّى الله عليه وسلّم «أنت أحق به ما لم تنكحى» الا أنه قد روى عنه عليه الصلاة والسّلام أنه أسهم بينهما، يروى عنه أنه خير الابن بين أبويه فقضى به لمن اختاره منهما.
وفى بعض الآثار أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لهما استهما عليه فأبى الأب من ذلك فخير النبى عليه الصلاة والسّلام الغلام بينهما وفى بعضها أن النبى عليه الصلاة والسّلام قال لهما ان شئتما خيرتماه.
وذهب أبو جعفر الطحاوى الى أن لا يحمل شئ من هذه الآثار على التعارض وان تستعمل جميعها، فيدعو الامام الأبوين الى الاستهمام عليه فان أجابا الى ذلك أسهم بينهما، وان أبيا أو أحدهما قال لهما ان شئتما خيرتماه فان أبيا ذلك أو أحدهما حكم به للأم وهو وجه حسن يصح به استعمال الآثار كلها واستعمال جميعها أولى من طرح بعضها.
وكما تكون الأم أحق من الأب فان قراباتها أحق من قرابات الأب لا اختلاف بين أهل العلم فى ذلك.
واختلفوا هل تكون قراباتها أى الأم أحق من الأب على قولين:
فروى ابن وهب عن مالك أن الأب أحق من الخالة والمشهور فى المذهب أن أقرباء الأم أحق من الأب فعلى هذا ان لم تكن الأم، أو كانت ولها زوج أجنبى فأمها وهى الجدة أحق فان لم تكن فأم أمها أو أم أبيها فان اجتمعتا جميعا فأم الأم أحق من أم الأب فان لم تكن واحدة منهما فأم أم أمها أو أم أم أبيها، أو أم أبى أمها فاذا اجتمع الأربعة فأم أم الأم ثم أم الأب وأم أم الأب بمنزلة سواء، ثم أقرباء الأب.
وعلى هذا الترتيب أمهاتهن ما علون فان لم تكن واحدة منهن فأخت الأم وهى الخالة فان اجتمعت أخت الأم لأبيها وأمها، وأختها لأبيها، وأختها لأمها فالشقيقة أولى ثم التى للام ثم التى للأب لأن الأم أمس رحما.
فان لم تكن منهن واحدة فأحت الجدة وهى خالة الام، وخالة الخالة فان اجتمع أيضا أخت الجدة لأبيها وأمها، وأختها لأمها، وأختها لأبيها فالشقيقة أولى ثم التى للأم ثم التى للأب لأن الأم أمس رحما من الأب، فان لم تكن واحدة منهن، فأخت الجد للأم وهى عمة الأم وعمة الخالة، فان اجتمع أيضا أخت الجد للأم لأبيه وأمه، وأخته لأمه وأخته لأبيه، فالشقيقة أولى ثم التى للأم ثم التى للأب وعلى هذا الترتيب ما بعد من النسب من الأم وارتفع.
فان انقطعت قرابات الأم، فقيل أن الأب أحق من جميع قراباته لأنهن انما يدلين به، فهو أحق منهن.
وقيل أنهن أحق منه وان كن يدلين به لأنه لا يحضن ويستنيب فى الحضانة غيره من النساء فقراباته أحق حكى هذين القولين عبد الوهاب.
وجعل فى المدونة بعض قراباته أحق منه،