للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يحل الأجل والا فلا يحل، لأن من عجل ما فى الذمة عد مسلفا وقد ازداد الانتفاع باسقاط‍ الضمان عنه الى الأجل فهو سلف جر نفعا. ولأنه لا يلزم القضاء فى غير بلد السلم فأشبه عدم الحلول.

ولا يصح فى هذه الحالة أن يدفع المسلم اليه لرب السلم كراء ليحمل المسلم فيه، لأن البلدان بمنزلة الآجال ويزيد فى الطعام بيعه قبل قبضه والنسيئة لأنه أخذه عن الطعام الذى يجب له ليستوفيه من نفسه فى بلد الشرط‍ والتفاضل وفيه وفى غيره سلف جر نفعا اذا كان المأخوذ من جنس رأس المال، وبيع وسلف وحط‍ الضمان وأزيدك اذا كان فى موضع الاشتراط‍ (١) أرخص.

ويلزم رب السلم بأن يقبل المسلم فيه.

سواء كان طعاما أو غيره - حيث حل الأجل وكان رب السلم والمسلم اليه فى بلد الشرط‍ (٢) كما أنه يلزم المسلم اليه أن يدفع المسلم فيه لرب السلم اذا طلبه منه. ويلزم القاضى أن يقبل المسلم فيه اذا كان رب السلم غائبا عن موضع القبض وليس له وكيل يقوم باستلامه وقد جاء المسلم اليه للقاضى بالشئ المسلم فيه.

هذا ويجوز لرب السلم - بعد حلول الأجل والمحل - أن يقبل المسلم فيه اذا دفعه المسلم اليه ولو كان أجود مما فى الذمة أو أردأ، لأن ذلك حسن قضاء فى الأول، وحسن اقتضاء فى الثانى.

اما أن يأخذ رب السلم - فى النقد والطعام أقل قدرا كعشرة بدلا من أحد عشر فلا يجوز له ذلك سواء كان هذا المأخوذ الأقل موافقا لصفة ما فى الذمة أو أجود مما فى الذمة أو أردأ منه الا أن يأخذ الأقل عن مثله قدرا ويبرئ بعد ذلك مما زاد على غير شرط‍، لأنه على وجه المعروف وليس على وجه المكايسة.

وفى ذلك قال الامام مالك: من له عليه مائة اردب سمراء الى أجل فلما حل الأجل أخذ منه خمسين محمولة وحط‍ ما بقى فان كان ذلك بمعنى الصلح والتبايع لم يجز، وان كان ذلك اقتضاء عن خمسين منها ثم حط‍ بعد ذلك بغير شرط‍ جاز.

ويجوز ذلك فى غير النقد والطعام، فيصح أن يأخذ نصف قنطار من نحاس عن قنطار سواء أبرأ مما زاد أم لا، لأنه ليس بطعام ولا نقد. ولا يجوز قضاء دقيق عن قمح وعكسه على الأصح كما قال الامام مالك مراعيا رأى من يقول بأن الطحن ناقل، فصار الدقيق


(١) شرح الخرشى ج ٥ ص ٢٢٥ وما بعدها.
(٢) المصدر السابق ج ٥ ص ٢٢٦.