للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه قبل أن يلحقه الغوث - والخشب يلبث فالغوث يلحق.

وان قاتلوا ليلا بسلاح أو بخشب يقام عليهم الحد لأن الغوث قلما يلحق بالليل فيستوى فيه السلاح وغيره.

ثم قال: ولو أشهر على رجل سلاحا نهارا أو ليلا فى غير مصر أو فى مصر فقتله المشهور عليه عمدا فلا شئ عليه.

وكذلك ان شهر عليه عصا ليلا فى غير مصر أو فى مصر.

وان كان نهارا فى مصر فقتله المشهور عليه يقتل به.

والأصل فى هذا أن من قصد قتل انسان لا ينهدر دمه ولكن ينظر ان كان المشهور عليه يمكنه دفعه عن نفسه بدون القتل لا يباح له القتل.

وان كان لا يمكنه الدفع الا بالقتل يباح له القتل لأنه من ضرورات الدفع.

وان شهر عليه سيفه يباح له أن يقتله لأنه لا يقدر على الدفع الا بالقتل.

ألا ترى أنه لو استغاث بالناس لقتله قبل أن يلحقه الغوث اذ السلاح لا يلبث فكان القتل من ضرورات الدفع فيباح قتله فاذا قتله فقد قتل شخصا مباح الدم فلا شئ عليه.

وكذا اذا أشهر عليه العصا ليلا لأن الغوث لا يلحق بالليل عادة سواء كان فى المغازة أو فى المصر.

وان أشهر عليه نهارا فى المصر لا يباح قتله لأنه يمكنه دفع شره بالاستغاثة بالناس.

وان كان فى المغازة يباح قتله لأنه لا يمكنه الاستغاثة فلا يندفع شره الا بالقتل فيباح له القتل.

وجاء فى المبسوط‍ (١) أن المنتهبين لو بيتوا على مسافرين فى منازلهم فى غير مصر ولا فى مدينة فكابروهم وأخذوا المال فالحكم فيهم كالحكم فى الذين قطعوا الطريق لأن السبب قد تحقق منهم وهو المحاربة وقطع الطريق اذ لا فرق فى ذلك بين أن يفعلوا ذلك بهم فى مشيهم أو فى حال نزولهم، لأنهم فى حفظ‍ الله تعالى فى الحالتين فأنما يتمكن هؤلاء منهم لمنعتهم وشوكتهم فى الحالتين.

فان نزل المسافرون منزلا فى قرية ففعلوا ذلك بهم لم يلزمهم حد قطاع الطريق لأن الذين نزلوا القرية بمنزلة أهل القرية فى أن بعضهم يغيث البعض فلا يتحقق قطع الطريق بما فعل بهم.

وكذلك أن أغار بعض النازلين فى القرية على البعض فقتلوا وأخذوا المال فالحكم فيهم كالحكم فى الذى فعل ذلك فى جوف المصر.

وجاء فى المبسوط‍ (٢) فى موضع آخر: ولو كابر انسانا ليلا حتى سرق متاعه فعليه القطع لأن سرقته قد تمت حين كابره ليلا فان الغوث بالليل قل ما يلحق صاحب البيت وهو عاجز عن دفعه بنفسه فيكون تمكنه من ذلك بالناس والسارق استخفى فعله من الناس.

بخلاف ما اذا كابره فى المصر نهارا حتى أخذ منه مالا فانه لا يلزمه القطع استحسانا لأن الغوث فى المصر بالنهار يلحقه عادة فالآخذ مجاهرا بفعله غير مستخفف له وذلك يكون نقصانا فى السرقة قال صلى الله عليه وسلم: لا قطع على مختلس ولا منتهب ولا خائن.


(١) المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج‍ ٩ ص ٢٠٢ وما بعدها طبع بمطبعة السعادة بمصر الطبعة الأولى سنة ١٣٢٨ هـ‍.
(٢) المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج‍ ١ ص ١٥١ الطبعة السابعة وبدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاساتى ج‍ ٧ ص ٦٦ وما بعدها الطبعة السابقة.