المضاربة كما اشترطا وهذا بخلاف الوكالة فان رب المال فى المضاربة اذا ارتد ولحق بدار الحرب ثم عاد مسلما جاز جميع ذلك على ربه كما اشترطا بخلاف الوكالة فان الموكل اذا ارتد ولحق بدار الحرب ثم عاد مسلما لم يعد الوكيل على وكالته لأنه اذا لم يتصل قضاء القاضى بلحاقه كان هذا بمنزلة الغيبة فلا يوجب عزل الوكيل ولا بطلان المضاربة وأما بعد الالتحاق والقضاء به فالوكيل انما ينعزل بخروج محل التصرف عن ملك الموكل الى ملك ورثته وذلك مبطل للوكالة والوكالة بعد ما بطلت لا تعود الا بالتجديد وهو غير مبطل للمضاربة لمكان حق المضارب كما لو مات حقيقة وهذا الفرق فيما ينشأ من التصرف بعد عود رب المال فأما ما كان من التصرف قبل ذلك فان كان قد قضى القاضى بلحاقه لا ينفذ ذلك التصرف على المضاربة بعد ما نفذ على المضارب نفسه كما لو مات حقيقة وان كان لم يقض القاضى بلحاقه فهو كما لو غاب ثم رجع قبل اللحوق بدار الحرب وأسلم فينفذ جميع ذلك على المضاربة.
ولو كان رب المال امرأة مرتدة كان جميع ذلك جائز على المضاربة ان أسلمت أو لم تسلم لأنها تملك التصرف بعد الردة فكذلك ينفذ تصرف المضارب لها بعد ردتها.
واذا دفع الرجل الى الرجل مالا مضاربة بالنصف فارتد رب المال ولحق بدار الحرب فلم يقض فى ماله بشئ حتى رجع مسلما وقد اشترى المضارب بالمال أو باع ورب المال فى دار الحرب فذلك كله جائز على المضاربة لأن اللحوق بدار الحرب اذا لم يتصل به قضاء القاضى بمنزلة الغيبة ولو كان المضارب هو الذى ارتد ولحق بدار الحرب واشترى به فى دار الحرب وباع ثم رجع بالمال مسلما فان له جميع ما اشترى وباع من ذلك ولا ضمان عليه فى المال لأنه لما لحق بدار الحرب ومعه المال فقد تم استيلاؤه عليه لأنه حربى أدخل مال المسلم دار الحرب بغير رضاه وهذا الاستيلاء يوجب الملك له فى المال فتصرفه بعد ذلك لنفسه لا للمضاربة ولا ضمان عليه فى المال لأنه صار مستوليا مخالفا بعد الاحراز بدار الحرب ولو استهلك بعد ذلك لم يكن عليه ضمان لأن الموجب للتقوم فى هذا المال كان هو الاحراز بدار الاسلام وقد انقطع ذلك ألا ترى أنه لو لحق مرتدا ثم عاد فأخذ المال فاستهلكه لم يكن عليه ضمان فكذلك اذا أدخله مع نفسه فى دار الحرب.
واذا دفع الرجل الى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى بها ثم ارتد رب المال ولحق بدار الحرب أو قتل مرتدا ثم باع المضارب العرض جاز بيعه على المضاربة لأنه لو مات رب المال حقيقة كان للمضارب بيع العروض بعد ذلك فكذلك اذا قتل أو مات مرتدا وان كان المال فى يده دراهم لم يكن له أن يشترى بها شيئا اعتبارا للموت الحكمى بالموت الحقيقى.
واذا دخل الحربى الينا بأمان فدفع اليه مسلم مالا مضاربة بالنصف فأودعه الحربى مسلما ثم رجع الى دار الحرب ثم دخل الينا بعد ذلك بأمان وأخذ المال من المستودع فاشترى به وباع فهو عامل لنفسه