وان قال: والله لا أشرب الا أن يشاء زيد فقد منع نفسه الشرب ألا أن توجد مشيئة زيد فان شاء فله الشرب، وان لم يشأ لم يشرب وان خفيت مشيئته لغيبة أو موت أو جنون لم يشرب وان شرب حنث لانه منع نفسه الا أن توجد المشيئة فلم يكن له أن يشرب قبل وجودها.
وان قال: والله لأشربن الا أن يشاء زيد فقد ألزم نفسه الشرب الا أن يشاء زيد أن لا يشرب لان الاستثناء ضد المستثنى منه والمستثنى منه ايجاب لشربه بيمينه فان شرب قبل مشيئة زيد بر فى اليمين، وان قال زيد قد شئت أن لا يشرب انحلت اليمين لأنها معلقة لعدم مشيئته لترك الشرب ولم تنعدم فلم يوجد الشرط .. وان قال:
قد شئت ان يشرب أو ما شئت ان لا يشرب لم تنحل اليمين لان هذه المشيئة غير المستثناه، فان خفيت مشيئته لزمه الشرب لانه علق وجوب الشرب بعدم المشيئة وهى معدومة بحكم الاصل .. وان قال:
والله لا أشرب اليوم ان شاء زيد فقال زيد:
قد شئت ان لا تشرب فشرب حنث، وان شرب قبل مشيئته لم يحنث لان الامتناع من الشرب معلق بمشيئته ولم تثبت مشيئته فلم يثبت الامتناع بخلاف التى قبلها ..
وان خفيت مشيئته فهى فى حكم المعدومة ..
والمشيئة فى هذه المواضع أن يقول بلسانه.
واذا استثنى فى الطلاق والعتاق بأن قال لزوجته: أنت طالق ان شاء الله أو قال لعبده: أنت حر ان شاء الله، أو علق ذلك على شرط كقوله أنت طالق أو أنت حر ان دخلت الدار ان شاء الله - فقد اختلفت الروايات عن الامام أحمد رحمه الله تعالى فأكثر الروايات عنه أنه توقف فى الجواب لاختلاف الناس فيهما وتعارض الادلة. وفى موضع قطع بأن الاستثناء فيهما لا ينفع المستثنى ويقع الطلاق والعتاق لانهما ليسا من الايمان فلا يدخلان فى قول النبى صلى الله عليه وسلم (من حلف على يمين فقال ان شاء الله لم يحنث) والقول بأنهما علقا على مشيئة الله تعالى وهى لا تعلم فيقع الطلاق والعتاق غير مسلم لان مشيئة الله الطلاق تعلم متى باشر الآدمى سببه وهو اللفظ … وعنه ما يدل على أن الاستثناء ينفع فيهما ولا يقعان وهو قول كثير من أهل العلم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (من حلف على يمين فقال ان شاء الله لم يحنث - وحكى عنه أن الاستثناء لا ينفع فى العتق فيقع وينفع فى الطلاق فلا يقع وعلله رحمه الله بأن العتق لله سبحانه وتعالى بخلاف الطلاق فانه يتقرب به اليه. ولان من نذر العتق لزمه الوفاء به ومن نذر الطلاق لا يلزمه الوفاء به فافترقا، وروى عن الامام أحمد أنه اذا علق الطلاق أو العتق على شرط بأن قال: أنت طالق ان دخلت الدار ان شاء الله ينفع الاستثناء ولا تطلق لانه يكون يمينا حينئذ ويدخل فى عموم الحديث السابق، أما بدون تعليق فلا يسمى يمينا.