للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به إذا توضأ مع العذر أو طرأ عليه بعده. أما لو توضأ وصلى خاليا عنه كان في حكم الصحيح، وتصح إمامة المعذور لمثله إن اتحد العذر، وجاء في البحر الرائق (١): أنه إن اختلف العذر فلا يجوز فمن كان به سلس بول لا يصح أن يكون إماما لمن به انفلات ريح. ولا يجوز اقتداء مصلى الظهر بمصلى العصر ولا اقتداء من يصلى ظهرا بمن يصلى ظهر يوم غير ذلك اليوم عندهم لاختلاف سبب وجوب الصلاتين وصفتهما وذلك يمنع صحة الاقتداء. وروى عن أفلح بن كثير أنه قال: دخلت المدينة ولم أكن صليت الظهر فوجدت الناس في الصلاة فظننت أنهم في الظهر فدخلت معهم ونويت الظهر فلما فرغوا علمت أنهم كانوا في العصر فقمت وصليت الظهر ثم صليت العصر ثم خرجت فوجدت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرين فأخبرتهم بما فعلت فاستصوبوا ذلك وأمروا به فانعقد الإجماع من الصحابة رضى الله تعالى عنهم على ذلك وهذا يفيد أنه يشترط في صحة صلاة الجماعة اتحاد صلاة الإمام والمأموم.

وفى النهاية أن الأصل في جنس هذه المسائل أن المقتدى إذا كان أقوى حالا من الإِمام لا تجوز صلاته وإن كان دونه أو مثله جاز. وفى المجتبى: لا تجوز إمامة المستحاضة للمستحاضة ولا إمامة الضالة للضالة كالخنثى المشكل للمشكل. قال صاحب البحر: ولعله لجواز أن يكون الإمام حائضا أما إذا انتفى الاحتمال فينبغى الجواز لأنه قبيل المتحد.

وفى الخلاصة أن إمامة المقتصد لغيره من الأصحاء صحيحة إذا كان يأمن خروج الدم، ومن به فأفأة أو تمتمة أو لثغ لا يصح أن يكون إماما لغيره، ويشترط كذلك في الإمام السلامة من فقد شروط الصلاة كطهارة من حدث أو خبث فإن عدم الطهارة كمن يحمل خبثا لا يعفى فلا تصح إمامته لطاهر وكذلك لا يصح أن يكون العارى إماما لمستور أما لو أم العارى عراة ولابسين فصلاة الإِمام ومن هو في مثله جائزة بلا خلاف، وفى البحر الرائق (٢): أنه لا يصح أن يكون المتنفل إماما لمفترض لأن الاقتداء بناء ووصف الفرضية معدوم في حق الإِمام في الأولى والذي صح عند أئمتنا وترجع أن معاذ بن جبل رضى الله تعالى عنه كان يصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نفلا وبقومه فرضا لقوله - صلى الله عليه وسلم - حين شكوا تطويله بهم: "يا معاذ إما أن تصلى معى وإما أن تخفف على قومك" كما رواه الإِمام أحمد رحمه الله تعالى فشرع له أحد الأمرين الصلاة معه ولا يصلى بقومه أو الصلاة بقومه على وجه التخفيف ولا يصلى معه فأفاد منعه من الإِمامة إذا صلى الفرض مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تمتنع إمامته مطلقا بالاتفاق فعلم أنه منعه من الفرض. أما اقتداء المتنفل بالمفترض فإنه يجوز لأنه بناء الضعيف على القوى (٣) ولا يلزم على الإِمام أن يُعلم الجماعة بحاله ولا يأثم بتركه. وفى معراج الدراية: ولا يلزم على الإِمام الإعلام إذا كانوا قوما غير معينين. وفى المجتبى: ولو أم قوما


(١) البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم جـ ١ ص ٣٨٢ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق لابن نجيم حـ ١ ص ٣٨٢، ص ٣٨٣ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق جـ ١ ص ٣٨٨ وما بعدها الطبعة السابقة.