للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا الناظر اليه من بعيد لا يشك أنه فى غير الصلاة (١).

وكذا لو دهن أو سرح رأسه أو حملت امرأة صبيها وأرضعته لوجود حد العمل الكثير على العبارتين.

فأما حمل الصبى بدون الارضاع فلا يوجب فساد الصلاة.

لما روى أن النبى صلي الله عليه وسلّم كان يصلى فى بيته وقد حمل أمامة بنت أبى العاصى على عاتقه فكان اذا سجد وضعها واذا قام رفعها ثم هذا الصنيع لم يكره منه صلّى الله عليه وسلّم لأنه كان محتاجا الى ذلك لعدم من يحفظها أو لبيانه الشرع بالفعل ان هذا غير موجب فساد الصلاة.

ومثل هذا فى زماننا أيضا لا يكره لواحد منا لو فعل ذلك عند الحاجة أما بدون الحاجة فمكروه ولو صلى وفى فيه شئ يمسكه ان كان لا يمنعه من القراءة ولكن يخل بها كدرهم أو دينارا ولؤلؤة لا تفسد صلاته لأنه لا يفوت شئ من الركن ولكن يكره لأنه يوجب الاخلال بالركن حتى لو كان لا يخل به ولا يكره وان كان يمنعه من القراءة فسدت صلاته لأنه يفوت الركن وان كان فيه سكرة لا تجوز صلاته لأنه أكل.

وكذلك (٢) أن كان فى كفه متاع يمسكه جازت صلاته غير أنه ان كان يمنعه عن الأخذ بالركب فى الركوع أو الاعتماد على الراحتين عند السجود يكره لمنعه عن تحصيل السنة والا فلا ولو رمى طائرا بحجر لا تفسد صلاته لأنه عمل قليل ويكره لأنه ليس من أعمال الصلاة ولو أكل أو شرب فى الصلاة فسدت صلاته لوجود العمل الكثير.

وسواء كان عامدا أو ساهيا فرق بين الصلاة والصوم حيث كان الأكل والشرب فى الصوم ناسيا غير مفسد والفرق أن القياس أن لا يفصل فى باب الصوم بين العمد والسهو أيضا لوجود ضد الصوم فى الحالتين وهو ترك الكف الا أنا عرفنا ذلك بالنص والصلاة ليست فى معناه لأن الصائم كثيرا ما يبتلى به فى حالة الصوم فلو حكمنا بالفساد يؤدى الى الحرج بخلاف الصلاة لأن الأكل والشرب فى الصلاة ساهيا نادر غاية الندرة فلم يكن فى معنى مورد النص فيصل فيها بالقياس المحض وهو أنه عمل كثير ليس من أعمال الصلاة.

ألا ترى أنه لو نظر الناظر اليه لا يشك أنه فى غير الصلاة ولو مضغ العلك فى الصلاة فسدت صلاته كذا ذكره محمد لأن الناظر اليه من بعد لا يشك أنه فى غير الصلاة وبهذا تبين أن الصحيح من التحديد هو العبارة الثانية حيث حكمنا بفساد الصلاة من غير الحاجة الى استعمال اليد رأسا فضلا عن استعمال اليدين ولو بقى بين أسنانه شئ فابتلعه ان كان دون الحمصة لم يضره لأن ذلك القدر فى حكم التبع لريقه لقلته ولأنه لا يمكن التحرز عنه لأنه يبقى بين الأسنان عادة فلو جعل مفسدا لوقع الناس فى الحرج ولهذا لا يفسد الصوم به وان كان قدر الحمصة فصاعدا فسدت صلاته ولو قلس أقل من ملء فيه ثم رجع فدخل جوفه وهو لا يملكه لا تفسد صلاته لأن ذلك بمنزلة ريقه ولهذا لا ينقض وضوؤه وكذا المتهجد باليل قد يبتلى به خصوصا فى ليالى رمضان عند امتلاء الطعام عند النظر فلو جعل مفسدا لأدى الى الحرج وقتل الحية والعقرب فى الصلاة لا يفسدها.

لقول النبى صلّى الله عليه وسلّم اقتلوا الأسودين ولو كنتم فى الصلاة.


(١) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٢٤٠، ٢٤١ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٢٤١، ٢٤٢ نفس الطبعة.