به وان ينفقه، وان بين وقت الانفاق لا يخلو عن ضرر العامة بالتلبيس والتدليس قال أبو يوسف رحمه الله تعالى: كل شئ من ذلك لا يجوز بين الناس فانه ينبغى ان يقطع ويعاقب صاحبه اذا أنفقه وهو يعرفه، وهذا الذى ذكره احتساب حسن فى الشريعة، ولو استقرض دراهم تجارية فالتقيا فى بلد لا يقدر فيه على التجارية فان كانت فى ذلك البلد فصاحب الحق بالخيار ان شاء انتظر مكان الأداء وان شاء أجله قدر المسافة ذاهبا وجائيا واستوثق منه بكفيل وان شاء أخذ القيمة لأنها اذا كانت نافقة لم تتغير بقيت فى الذمة كما كانت وكان له الخيار ان شاء لم يرض بالتأخير وأخذ القيمة لما فى التأخير من تأخير حقه وفيه ضرر به كمن عليه الرطب اذا انقطع عن أيدى الناس أنه يتخير صاحبه بين التربص والانتظار لوقت الادراك وبين ان يأخذ القيمة لما قالوا كذا هذا وان كان لا ينفق فى ذلك البلد فعليه قيمتها. وأما الشرائط التى ترجع الى نفس القرض فهو ان لا يكون فيه جر منفعة فان كان فيه جر منفعة لم يجز نحو ما اذا أقرضه دراهم غلة على ان يرد عليه صحاحا أو أقرضه وشرط شرطا له فيه منفعة لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه نهى عن قرض جر نفعا، ولأن الزيادة المشروطة تشبه الربا لأنها فضل لا بقابله عوض والتحرز عن حقيقة الربا وعن شبهة الربا واجب. هذا اذا كانت الزيادة مشروطة فى القرض، فأما اذا كانت غير مشروطة فيه، ولكن المستقرض أعطاه أجودهما فلا بأس بذلك لأن الربا اسم لزيادة مشروطة فى العقد، ولم توحد بل هذا من باب حسن القضاء وهو أمر مندوب اليه فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم:
خيار الناس أحسنهم قضاء. وقال النبى صلى الله عليه وسلم عند قضاء دين لزمه للوزان: زن وأرجح. وعلى هذا تخرج مسئلة السفاتج (١) التى يتعامل بها التجار. فهى مكروهة لأن التاجر ينتفع بها باسقاط خطر الطريق فتشبه قرضا جر نفعا، فان قيل: أليس قد روى عن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه كان يستقرض بالمدينة على أن يرد بالكوفة وهذا انتفاع بالقرض باسقاط خطر الطريق؟ فالجواب ان ذلك محمول على أن السفتجة لم تكن مشروطة فى القرض مطلقا ثم تكون السفتجة وذلك مما لا بأس به على ما بينا، والأجل لا يلزم فى القرض سواء كان مشروطا فى العقد أو متأخرا عنه بخلاف سائر الديون. والفرق بينهما من وجهين أحدهما ان القرض تبرع ألا يرى أنه لا يقابله عوض للحال وكذا لا يملكه من لا يملك التبرع فلو لزم فيه الأجل لم يبق تبرعا فيتغير المشروط بخلاف الديون. والثانى ان القرض يسلك به مسلك العارية والأجل لا يلزم فى العوارى، والدليل على أنه يسلك به مسلك العارية أنه لا يخلو من ان يسلك به مسلك المبادلة - وهى تمليك الشئ بمثله أو يسلك به مسلك العارية أما الأول فلا سبيل اليه لأنه تمليك العين بمثله نسيئة وهذا لا يجوز فتعين ان يكون عارية فجعل التقدير كأن المستقرض انتفع بالعين مدة ثم رد عين ما قبض وان كان يرد بدله فى
(١) السفاتج جمع مفرده سفتجة بالسين المفتوحة والفاء الساكنة والتاء المثناة المفتوحة والجيم - وهى لفظة أعجمية يراد بها الكتاب الذى يرسله المقترض الى وكيله ليدفع لحامله ببلد آخر نظير ما يسلفه