للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثله يرجع عليه به إن أطعم أو أخرج المثل. أما إن صام المحرم الممسك فلا رجوع له على الحلال القاتل بشيء.

وإن أمسك المحرم الصيد لأجل أن يقتله فقتله محرم آخر فهما شريكان في قتله وعلى كل منهما جزاء كامل نظرًا إلى التسبب والمباشرة.

وأما لو قتله خلال فإما أن يقتله في الحل أو في الحرم فإن قتله في الحرم فعلى كل منهما جزاء كامل وإن قتله في الحلّ فجزاؤه على المحرم الذي أمسكه؛ ويغرم الحلال له قيمته طعامًا إن كانت قيمته أقلّ من جزائه. (١) هذا في إمساك الصيد بالنسبة للمحرم أو في الحرم مطلقًا.

أما بالنسبة لإمساك الصيد بواسطة الجوارح التي يرسلها أصحابها عليه فلا يشترط في إمساك الجارح للصيد وإباحة أكله أن يمسكه على صاحبه، فليس من شرط الجارح سواء كان كلبًا أو غيره ألا يأكل من الصيد بعد إمساكه؛ وذلك لما روى عن عيد الله بن عمر، أن أبا ثعلبة الخشنى قال: يا رسول الله إن لى كلابا مكبلة فافتنى في صيدها، قال: إن كانت لك كلاب مكبلة فكل مما أمسكت عليك، فقال: يا رسول الله ذكى وغير ذكى؟ قال: ذكى وغير ذكى. قال وإن أكل منه؟ قال: وإن أكل منه" (٢).

وقال بعض متأخرى المالكية: إن مجرد إرسالنا الكلب إمساك علينا؛ لأن الكلب لا نية له فليس الأكل بدليل على أنه لم يمسك لصاحبه. ولا الإمساك لصاحبه شرط في الذكاة؛ لأن نية الكلب غير معلومة. وقد يمسك لصاحبه ثم يبدو له فيمسك لنفسه. (٣)

وإذا أرسل الصائد كلبه على صيد فأمسكه ثم أرسل صقرا أو كلبا بعد إمساك الأول للصيد فقتل الثاني الصيد فلا يؤكل. لأنه بعد أن أمسكه الأول صار أسيرا مقدورا عليه.

وكذا لو قتلاه جميعا في هذه الصورة لا يؤكل أيضا للشك في المبيح.

أما لو أرسل الجارح الثاني بعد إمساك الأول فقتله الأول قبل وصول الشانى إليه فلا شك أنه يؤكل للعجز عنه حين إرسال قاتله.

وكذلك لو أرسل الثاني قبل إمساك الأول له فقتله الثاني قبل إمساك الأول أو بعده أو قتلاه مما ولو أمسك صيدا بحباله مثلا وصار تحت يده ثم رماه آخر بسهم فقتله فلا يؤكل لأنه بالأمساك صار أسيرا مقدورا عليه. وحينئذ فلا يؤكل إلا بزكاة شرعية كالشاة ويضمن هذا الذي رماة فقتله للأول قيمته مجروحا.

وإذا أمسك كلب المسلم الصيد وعاونه في إمساكه كلب الكافر فإنه يؤكل وذلك لأنه الممسك كلبه بعد إمساك كلب الكافر الصيد. (٤)


(١) الشرح الكبير الدردير على مختصر خليل بحاشية الدسوقى حـ ٢ ص ٧٤، ٧٩ الطبعة الأولى بمطبعة السعادة بالقاهرة ١٣٢٩ هـ شرح الخرشي على مختصر خليل بحاشية العدوى جـ ٢ ص ٤٢٢، ٤٢٩، ٤٣٠ الطبعة الأولى بالمطبعة الأميرية ١٢٩٩ هـ.
(٢) رواه أحمد وأبو داود. وأخرجه أيضا النسائي وابن ماجه وأعله البيهقى (انظر: نيل الأوطار للشوكانى جـ ٨ ص ١٣٣).
(٣) بداية المجتهد ونهاية المقتصد للإمام ابن رشد الحفيد جـ ١ ص: ٧٧٧ - ٧٧ الطبعة الأولى بالمطبعة الجمالية يمصر ١٣٢٩ هـ.
(٤) الشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي السابق جـ ٢ ص ١٠٥ - ١٠٨ الطبعة السابقة، شرح الخرشى على مختصر خليل بحاشية العدوى السابق جـ ٣ ص ١٤، ١٦ الطبعة السابقة.