للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي تعدى على نفسه حيث جذب يده لا لدفع ضرر لحقه من الممسك بها.

وإن كان أمسك يده ليَعُصِرَها فآذاه فجر يده فانقلب فمات ضمن الممسك ديته. لأنه هو المعتدى وإنما صاحب اليد دفع الضرر عن نفسه بجريده وله ذلك فكان الضمان على المتعدى.

وإن انكسرت يد الممسك وهو الآخذ بالجذب لم يضمن الجاذب، لأن التعدى من الممسك فكان جانيا على نفسه فلا ضمان على غيره وكذلك إذا كان طفل في يد أبيه فجذبه شخص من يده والأب يمسكه حتى مات فديته على الذي جذبه ويرثه أبوه، لأن الأب محق في إمساكه. والجاذب متعد في الجذب فالضمان عليه. (١)

ولو تجاذب رجلان صبيا وأحدهما يدعى أنه ابنه والآخر يدعى أنه عبده فمات من جذبهما فعلى الذي يدعى أنه عبده ديته، لأنه متعد في الجذب. لأن المتنازعين في الصبى إذا زعم أحدهما أنه أبوه فهو أولى به من الذي يدعى أنه عبده فكان إمساكه بحق وجذب الآخر بغير حق فيضمن. (٢)

ولو أمسك رجل كلبه في داره فعقر من دخلها بإذن أو بغير إذن لا يضمن صاحب الكلب شيئا، لأن فعل الكلب هدر، ولم يوجد من صاحبه التسبيب إلى العقر، إذ لم يوجد منه إلا الإمساك في البيت وهو مباح، قال الله تبارك وتعالى:

{أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم} (٣) ولو أن رجلا أعطى صبيا سلاحا ليمسكه فعطب الصبى بذلك تجب دية الصبى عاقلة المعطى وإن لم يقل له أمسكه لى المختار أنه يضمن أيضا وليس المراد تعطب الصبى أن الصبى قتل نفسه وإنما المراد به أنه سقط من يده على بعض بدنه وعطبت به أما لو دفع السلاح إلى الصبى فقتل الصبى نفسه أو غيره لا يضمن الدافع بالإجماع (٤).

وإذا حمل رجل صبيا حرا على دابة وقال له: أمسكها لى - والحامل ليس بولى الصغير - فسقط الصبى عن الدابة ومات بدون أن يحدث منه تسيير للدابة كان على عاقلة من حمله ديته، سواء كان الصبى ممن يركب مثله عليها أم لا، لأنه صار مستعملا للصبى في عمل من أعماله. وهو إمساك الدابة بغير إذن وليه، ومن استعمل صبيا بغير إذن وليه وهلك بسبب استعماله يضمن.

وكذا إن سقط عنها وهى تسير بسير صاحبها فديته على عاقلة صاحبها الذي حمله عليها،


(١) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين أبى بكر بن مسعود الكاسانى جـ ٧ من ٢٧٤ الطبعة الأولى بمطبعة الجمالية سنة ١٣٢٨.
(٢) بدائع الصنائع السابقة جـ ٧ ص ٢٧٤.
(٣) آية ٤ سورة المائدة.
(٤) الفتاوى الهندية السابقة جـ ٦ ص ٣٢.