للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففيه وجهان أحدهما: لا يجوز أن يسترق، والوجه الثاني: يجوز.

وإن أعتق حربى عبدًا حربيًا ثبت له عليه الولاء فإن سبى العبد المعتق أو سبى مولاه واسترق بطل ولاؤه؛ لأنه لا حرمة له في نفسه ولا ماله؛ وإن أعتق ذمى عبدًا ثم لحق بدار الحرب، فملكه عبده وأعتقه صار كل واحد منهما مولى للآخر؛ لأن كل واحد منهما أعتق الآخر (١).

ينفسخ نكاح من صار رقيقًا بالأسر ولو بعد الدخول؛ لزوال ملكه عن نفسه عن زوجته أولى؛ وإن أُسر صبى له زوجة انفسخ النكاح بأسره؛ وكذا ينفسخ نكاح الأسير إن استُرق إلا إن كان هو وزوجته رقيقين فلا ينفسخ نكاحه إذا لم يحدث رق؛ وإنما انتقل الملك من شخص إلى آخر وذلك لا يقطع النكاح كالبيع والهبة؛ وإن أسلم من الأسرى رجل حر مكلف قبل اختيار من الإمام فيه عُصم دمه من القتل لخبر الصحيحين، أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها (٢)، ولم يرق بإسلامه؛ فيختار فيه الإمام ما سوى القتل من إرقاق ومن فداء؛ ومن عجز عن الإعتاق في كفارة اليمين يبقى مخيرًا بين الإطعام والكسوة لكن لا يفادى إلا من كان عزيرًا في قومه أو له فيهم عشيرة ولا يخشى الفتنة في دينه ولا في نفسه. أو أسلم كافر مكلف قبل الظفر به رجلا كان أو امرأة عصم نفسه وماله للخبر السابق. وعصم ولده الصغير والمجنون الحرين من السبي، وكذا الحمل تبعًا له فيهما إلا إن استُرقت أمه قبل إسلام الأب فلا يعصمه إسلامه أي لا يبطل رقه كالمنفصل وإن حكم بإسلامه، ولا يعصم إسلامه زوجته من السبى والاسترقاق ويفارق عتيقه بأن الولاء بعد ثبوته لا يرتفع وإن تراضيا؛ لأنه لحمة كلحمة النسب بخلاف النكاح فإنه يرتفع بأسباب منها حدوث إرقاق زوجته وابنته البالغة بأن ما يمكن استقلال الشخص به لا يجعل فيه تابعًا لغيره؛ والبالغة تستقل بالإسلام ولا تستقل ببذل الجزية؛ وإن استقرت الزوجة ولو بعد الدخول انقطع نكاحه لزوال ملكها من نفسها فزوال ملك الزوج عنها أولى ولامتناع نكاح المسلم الأمة الكافرة ابتداء ودوامًا؛ ولا يعصم إسلامه ابنه البالغ لاستقلاله بالإسلام؛ وإن نقض ذمى عهده فاسترق وملكه عتيقه ثم أعتقه فلكل منهما الولاء على الآخر، فولاء السيد لا يبطل باسترقاقها (٣).

لو بلغ ابن ذمى ولو بنبات عانته وأفاق المجنون أو عتق العبد ولم يبذل؛ أي يعط جزية بعد طلبنا لها منه ألحق بمأمنه سواء أعتق العبدَ ذمى أو مسلم؛ وإن بذلها من ذكر عقد له ولا يكفى عقد أب وسيد ولو كان كل منهما قد أدخله في عقده إذا بلغ أو عتق كأن قال: قد التزمت هذا عنى وعن ابنى إذا بلغ أو عبدى إذا أعتق وقيل: عليه أي الصبى كجزية أبيه؛ ولا يحتاج إلى عقد اكتفاء بعقد أبيه؛ وإذا لم يكف ذلك فيعقد له عقد مستأنف ويساوم كغيره؛ لانقطاع التبعية بالكمال ولوجوب جزية أخرى، وأنَّ إعطاءها في الآية بمعنى التزامها، وللإمام أن يجعل حول التابع


(١) المهذب: ٢/ ٢٠.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أسنى المطالب: ٤/ ١٩٤: ١٩٥.