للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ندبه. وحكاه عن الأصحاب. والمعتمد الاول .. وقضية تخصيصهم الجواز بالقاضى حرمته على غيره .. والأوجه جوازه لامتناع التلقين على الحاكم دون غيره ان يعرض له حيث كان جاهلا وجوب الحد وهو معذور كما فى العزيز .. ولعله جرى على الغائب اذ العالم قد تطرأ له دهشة فلا فرق كما قاله البلقينى بالرجوع عن الاقرار وان كان عالما بجوازه. فيقول: لعلك قبلت أو فاخذت ..

أو اخذت من غير حرز. أو غصبت. أو أنهبت .. أو لم تعلم أن ما شربته مسكر ..

لأن النبى صلّى الله عليه وسلّم عرض لماعز بقوله له: لعلك قبلت أو لمست أو غمزت ..

وقال لمن اقر عنده بالسرقة: ما اخالك سرقت - فقال بلى فأعاد عليه مرتين أو ثلاثا. فأمر به فقطع .. والثانى لا يعرض له بالانكار أى ما لم يخش أن ذلك يحمله على انكار المال ايضا فيما يظهر وانه يمتنع التعريض اذا ثبت بالبينة .. وقوله - بعقوبة لله تعالى - يفيد ان حق الآدمى لا يحل التعريض بالرجوع عنه وان لم يفد الرجوع فيه شيئا .. ويوجه بأن فيه حملا على محرم. فهو - كتعاطى العقد الفاسد ولا يقول له: ارجع عنه أو اجحده قطعا فيأثم به لأنه امر بالكذب. وله ان يعرض للشهود بالتوقف فى حده تعالى ان رأى المصلحة فى الستر والا فلا .. وعلم منه انه لا يجوز له أن يعرض للشهود. ولا يجوز للشهود ان يتوقفوا عند ترتيب مفسدة على ذلك من ضياع المسروق أو ضياع حق للغير ..

ولو اقر بلا دعوى أو بعد دعوى من وكيل للغائب شملت وكالته ذلك. ولم يشعر المالك بها أو شهد بها حسبة انه سرق مال زيد الغائب أو الصبى أو المجنون .. والحق بذلك السفيه - لم يقطع فى الحال بل يحبس وينتظر حضور الغائب وكمال الصبى والمجنون ومطالبته فى الاصح لانه ربما يقر له بالمسروق بالاباحة أو بالملك فيسقط‍ القطع وان كذبه كما مر.

أما بعد دعوى الموكل فلا انتظار لعدم احتمال الاباحة هنا. ونحو الصبى يمكن ان يملكه عند البلوغ والرشد وقبل الرفع الى الحاكم فيسقط‍ القطع أيضا .. ولا يشكل حبسه هنا بعدمه فيما لو اقر بمال غائب لان له المطالبة بالقطع فى الجملة لا بمال الغائب ومن ثم لو مات عن نحو طفل لأن له بل عليه المطالبة به حينئذ.

لو أقر بالسرقة (١) ثم رجع عن الاقرار ثم كتب رجوعه .. قال الدميرى: لا يقطع .. ولو اقر بالسرقة ثم اقيمت عليه البينة ثم رجع عن الاقرار. قال القاضى سقط‍ عنه القطع على الصحيح لان الثبوت كان بالاقرار وقد رجع عنه. وتقدم نظيره فى الزنا عن الماوردى كذا فى شرح الروضة لكن المعتمد خلافه لأن الثبوت بالبينة.

ان ثبتت السرقة بالبينة (٢) فأقر المسروق منه بالملك للسارق .. أو قال المسروق منه كنت ابحثه له سقط‍ القطع لأنه يحتمل ان يكون صادقا فى اقراره .. وذلك شبهة فلم يجب معها الحد .. وان ثبتت السرقة بالبينة فادعى السارق أن المسروق ماله وهبه منه المسروق منه أو اباحه له .. وانكر المسروق منه ما ادعاه السارق ولم يكن للسارق بينة لم تقبل دعواه فى حق


(١) نهاية المحتاج ج‍ ٧ ص ٤٤١.
(٢) المهذب ج‍ ٢ ص ٢٨٢، ٢٨٣.