للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبناء على ذلك اذا حدث الفسخ أو الإبطال قبل تمام العقد وترتب آثاره عليه فإن الحكم يختلف تبعا لما تم من آثاره وما لم يتم ومما فرع على ذلك عقد البيع إذا كان فيه خيار شرط‍ أو خيار رؤية أو خيار عيب ذلك أن خيار الشرط‍ يقف ترتب آثار العقد عليه عند الحنفية. فإذا حدث الفسخ الإبطال بناء عليه لم يترتب على العقد شئ جديد، وأرتفع بالفسخ (١).

ويرى مالك فى أصح أقواله أن خيار الشرط‍ يحول كذلك دون ترتب آثاره عليه أيضا، وعلى ذلك فالبيع فى زمن الخيار لا يزال مملوكا للبائع، والثمن لا يزال مملوكا للمشترى سواء أكان الخيار لأحدهما أم لهما وعلى ذلك فيكون الحكم هو ما ذكرنا عند الحنفية وهو أن العقد لم يترتب عليه أثر جديد وأنه بالفسخ يرتفع وعلى ذلك يكون نماء المبيع وزوائده للبائع متى كانت حادثة زمن الخيار سواء أجيز العقد أم فسخ، وهناك آراء أخرى للمالكية فى ذلك (٢).

ويرى الشافعى أن ملك المبيع فى مدة الخيار لمن له الخيار، فإن كان الخيار للبائع وحده فهو المالك للمبيع وحده، وإن كان الخيار للمشترى وحده كان ملك المبيع له كما يكون ملك الثمن للبائع، وإذا كان الخيار لهما فالأمر موقوف إلى أن يظهر مآل العقد، فإذا فسخ البيع ظهر أن المبيع لم يخرج من ملك البائع وأن الثمن لم يزل فى ملك المشترى، وعلى هذا الأساس يكون الحكم على الزوائد والنماء فى مدة الخيار فهى لمن له الملك فى تلك المدة قبل أن يئول العقد إلى فسخه (٣).

ويرى أحمد أن اشتراط‍ الخيار لا يحول دون ترتب آثاره عليه، وهذا ظاهر المذهب وعلى هذا الأساس يكون الحكم على الزيادة والنماء فيهما للمشترى لحدوثهما على ملكه وفسخ العقد إنما يكون من وقت الفسخ لا من وقت إنشائه. غير أن الزيادة كانت متصلة كالسمن فإنها تتبع أصلها عند الفسخ (٤) فتكون لمن كان له ملك أصلها.

وعلى هذا يرى أيضا أن الفسخ أو الإبطال يقتصر على وقت حدوثه فلا يثبت بأثر رجعى إلى وقت نشأة العقد. ويلاحظ‍ أنه بالنسبة إلى العقد الموقوف عند فسخه، فإن فسخه يثبت بأثر رجعى إلى وقت إنشائه، ذلك لأن العقد الموقوف لا يترتب عليه آثر وانما ينفذ بالاجازة (راجع خيارات).

وفى الجملة ففسخ العقد يقتصر على وقت إنشائه عند الفقهاء اذ لا يعدم التزاما وجد صحيحا فى زمن صحته، وإنما ينهيه من وقت حدوثه، وذلك ما يرى أنه ليس محلا للخلاف. ويلاحظ‍ كذلك أن العقد إذا حدث فاسدا كان له وجود فى نظر الحنفية ووجب على كل من طرفيه فسخه، وإذا وصل علم القاضى إليه فسخه القاضى إن لم يفسخه أحد طرفيه، أما عند غيرهم فليس له وجود حتى يقتضى ذلك فسخه وابطاله (٥)


(١) راجع البدائع ج‍ ٥ ص ٣٦٤.
(٢) الشرح الكبير للدردير ج‍ ٣ ص ١٠٤.
الخرشى ج‍ ٥ ص ١٣٧.
شرح النيل ج‍ ٦ ص ١٠.
شرح الأزهار ج‍ ٣٥ ص ٤٤١.
(٣) نهايه المحتاج ج‍ ٤ ص ١٩.
روض الطالب ج‍ ٢ ص ٥٣.
(٤) المغنى ج‍ ٤ ص ٢٦.
كشاف القناع ج‍ ٢ ص ٥٠
(٥) الدر المختار أحكام البيع الفاسد.