للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فان كان عينا فلا يخلو من أن يكون عينا هى أمانة، أو عينا هى مضمونة.

أما العين التى هى أمانة فلا تصح الكفالة بها سواء كانت أمانة غير واجبة التسليم كالودائع ومال الشركات والمضاربات أو كانت أمانة واجبة التسليم كالعارية والمستأجر فى يد الأجير، لأنه أضاف الكفالة الى عينها وعينها ليست بمضمونة ولو كفل بتسليم المستعار والمستأجر عن المستعير والمستأجر جاز، لأنهما مضمونا التسليم عليهما فالكفالة أضيفت الى مضمون على الأصيل وهو فعل التسليم فصحت.

وأما العين المضمونة فنوعان مضمون بنفسه كالمغصوب والمقبوض بالبيع الفاسد والمقبوض على سوم الشراء ومضمون بغيره كالمبيع قبل القبض والرهن فتصح الكفالة بالنوع الأول لأنه كفالة بمضمون بنفسه ألا ترى أنه يجب رد عينه حال قيامه ورد مثله أو قيمته حال هلاكه فيصير مضمونا على الكفيل على هذا الوجه أيضا، ولا تصح بالنوع الثانى، لأن المبيع قبل القبض مضمون الثمن لا بنفسه ألا ترى أنه اذا هلك فى يد البائع لا يجب عليه شئ ولكن يسقط‍ الثمن عن المشترى وكذا الرهن غير مضمون بنفسه بل بالدين ألا يرى أنه اذا هلك لا يجب على المرتهن شئ ولكن يسقط‍ الدين عن الراهن بقدره (١).

وأما الدين فتصح الكفالة به بلا خلاف، لأنه مضمون على الأصيل مقدور الاستيفاء من الكفيل (٢).

وأما الفعل فهو فعل التسليم فى الجملة فتجوز الكفالة بتسليم المبيع والرهن، لأن المبيع مضمون التسليم على البائع والرهن مضمون التسليم على المرتهن فى الجملة بعد قضاء الدين فكان المكفول به مضمونا على الأصيل وهو فعل التسليم فصحت الكفالة به، لكنه اذا هلك لا شئ على الكفيل لأنه لم يبق مضمونا على الأصيل فلا يبقى على الكفيل ولو استأجر دابة للحمل فكفل رجل بالحمل، فان كانت الدابة بعينها لم تجز الكفالة بالحمل، وان كانت بغير عينها جازت، لأن فى الوجه الأول الواجب على الآجر فعل تسليم الدابة دون الحمل، فلم تكن الكفالة بالحمل كفالة بمضمون على الأصيل فلم تجز وفى الوجه الثانى الواجب عليه فعل الحمل دون تسليم الدابة فكانت الكفالة بالحمل كفالة بفعل هو مضمون على الأصيل فجازت.

وعلى هذا اذا كفل بنفس من عليه الحق جاز عند أصحابنا، لأن الكفالة بالنفس كفالة بالفعل وهو تسليم النفس وفعل التسليم مضمون على الأصيل فقد كفل بمضمون على الأصيل فجاز، وكذا اذا كفل برأسه أو بوجهه أو برقبته أو بروحه أو بنصفه.


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر ابن مسعود الكاسانى ج ٦ ص ٧ الطبعة الأولى طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍، سنة ١٩١٠ م.
(٢) المرجع السابق ج ٦ ص ٩ نفس الطبعة.