والثانى: أن بعض السبعة ليسوا مجتهدين خصوصا السابعة، فكان عليه أن يقول: والفقهاء على سبع مراتب.
وقد أوضحها ابن كمال باشا فى بعض رسائله فقال: لا بد للمفتى أن يعلم حال من يفتى بقوله، ولا يكفيه معرفته باسمه ونسبه، بل لا بد من معرفته فى الرواية ودرجته فى الدراية، وطبقته من طبقات الفقهاء ليكون على بصيرة فى التمييز بين القائلين المخالفين، وقدرة كافية فى الترجيح بين القولين المتعارضين.
الاولى: طبقة المجتهدين فى الشرع كالائمة الاربعة رضى الله عنهم ومن سلك مسلكهم فى تأسيس قواعد الاصول وبه يمتازون عن غيرهم.
الثانية: طبقة المجتهدين فى المذهب كأبى يوسف ومحمد وسائر أصحاب أبى حنيفة القادرين على استخراج الاحكام من الادلة على مقتضى القواعد التى قررها أستاذهم أبو حنيفة فى الاحكام وان خالفوه فى بعض أحكام الفروع، لكن يقلدونه فى قواعد الاصول، وبه يمتازون عن المعارضين فى المذهب كالشافعى وغيره المخالفين له فى الاحكام غير مقلدين له فى الاصول.
الثالثة: طبقة المجتهدين فى المسائل التى لا نص فيها عن صاحب المذهب، كالخصاف وأبى جعفر الطحاوى وأبى الحسن الكرخى وشمس الائمة الحلوانى وشمس الائمة السرخسى وفخر الاسلام البزدوى وفخر الدين قاضيخان وأمثالهم، فانهم لا يقدرون على شئ من المخالفة لا فى الاصول ولا فى الفروع، لكنهم يستنبطون الاحكام فى المسائل التى لا نص فيها على حسب الاصول والقواعد.
الرابعة: طبقة أصحاب التخريج من المقلدين كالرازى واضرابه، فانهم لا يقدرون على الاجتهاد أصلا، لكنهم لاحاطتهم بالاصول وضبطهم للمآخذ يقدرون على تفصيل قول مجمل ذى وجهين، وحكم مبهم محتمل لامرين منقول عن صاحب المذهب، أو أحد من أصحابه برأيهم ونظرهم فى الاصول والمقايسة على أمثاله ونظائره من الفروع.
وما فى الهداية من قوله: كذا فى تخريج الكرخى وتخريج الرازى من هذا القبيل.
الخامسة: طبقة أصحاب الترجيح من المقلدين، كأبى الحسن القدورى وصاحب الهداية وأمثالهما، وشأنهم تفضيل بعض الروايات على بعض كقولهم:
هذا أولى، وهذا أصح رواية، وهذا أرفق للناس.
السادسة: طبقة المقلدين القادرين على التمييز بين الاقوى والقوى والضعيف، وظاهر المذهب والرواية النادرة كأصحاب