للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الداخل فأراد قتل الخارج ولم يتخلص منه إلا بالقتل، فصار من باب دفع الصائل، (الدفاع عن النفس، فلينظر التحقيق فى هذه المسألة) (١).

وفى رسالة نشر العرف فى بناء بعض الأحكام على العرف من مجموعة رسائل ابن عابدين قال، بعد أن ذكر طائفة من المسائل والفروع التى بنى فيها المتأخرون الأحكام والفتاوى على العرف المتغير:

«ويقرب من ذلك مسائل كثيرة أيضا حكموا فيها قرائن الأحوال العرفية كالحكم بالحائط‍ لمن له اتصال أثر بيع ثم لمن له عليه أخشاب لأنه قرينة على سبق اليد، وجواز الدخول بمن زفت إليه ليلة العرس وإن لم يشهد عدلان بأنها زوجته» وساق مسائل كثيرة منها ما ذكره ابن الغرس سالف الذكر.

ثم قال: ولكن لا بد لكل من المفتى والحاكم من نظر سديد واشتغال مديد ومعرفة بالأحكام الشرعية والشروط‍ المرعية فإن تحكيم القرائن غير مطرد ألا ترى لو ولدت الزوجة ولدا أسود وادعاه رجل أسود يشبه الولد من كل وجه فهو لزوجها الأبيض ما لم يلاعن.

وحديث ابن زمعة فى ذلك مشهور، عن عائشة رضى الله عنها قالت: اختصم سعد ابن أبى وقاص وعبد بن زمعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ابن وليدة زمعة) فقال سعد: يا رسول الله، ابن أخى عتبة بن أبى وقاص، عهد إلى أنه ابنه، انظر إلى شبهه.

وقال عبد بن زمعة: هذا آخى يا رسول الله ولد على فراش أبى.

فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة، فقال: «هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر، احتجبى منه يا سودة بنت زمعة».

قال فلم ير سودة قط‍ (٢): والقرائن مع النص لا تعتبر، وكذا لو شهد الشاهدان بخلاف ما قامت عليه القرينة فالمعتبر هو الشهادة .. إلى أن قال: فلذا كان الحكم بالقرائن محتاجا إلى نظر سديد وتوفيق وتأييد (٣).

فإذا كان مدار اعتبار القرينة القاطعة من طرق القضاء فى مذهب الحنفية على ابن الغرس ولم ينسب القول به إلى أمام من أئمة المذهب ولم ينقل عن كتاب معتمد فى المذهب، حتى قال فيه الخير الرملى وصاحب البحر ما سلفت الإشارة إليه.

وقال ابن عابدين إن تحكيم القرائن غير مطرد وبين عدم اعتبارها فى كثير من المسائل - إذا كان الأمر كذلك - فإنه يمكن القول بأن القرينة القاطعة ليست من طرق القضاء عند الحنفية.


(١) ابن عابدين ج‍ ٤ ص ٤٦٢، ٦٥٣.
(٢) نيل الأوطار للشوكانى ج‍ ٦ ص ٢٧٩.
(٣) مجموعة رسائل ابن عابدين ص ١٢٧، ١٢٩.