للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرط لأن العقد لازم من طرفه كما عرفت فيما سلف. ويلزمه ما شرطه أو شرط عليه، وليس ذلك من التأجيل في شئ وإن رجع إليه بالآخرة، ولا فرق في ذلك بين أن يكون للمقترض مصلحة في ذلك أم لا أو يكون عليه ضرر أم لا. وأنه يجوز للمقترض المخالفة والدفع متى شاء لعدم لزومه من طرفه فيجب على المقرض قبوله وإن كان عليه في ذلك ضرر لأنه أقدم على ذلك، ولو طالبه المقرض من غير شرط في غير البلد أو فيه مع شرط غيره وجب الدفع مع مصلحة المقترض، وقال في التذكرة: وجب الدفع ولم يتعرض للمصلحة. والوجه في وجوب الدفع أن القرض حال والشرط لا يصيره مؤجلا ولا معنى لإِطراح الشرط بالكلية، فيجب أداء ماله عند المطالبة حيث لا مانع يمنع شيئا وليس إلا الضرر وقد فرض عدمه وفى المبسوط والتحرير: لو أقرضه في بلد ثم طالبه في بلد آخر لم يجب عليه حمله إلى بلد المطالبة ولا يجبر على دفعه لأن قيمته تختلف ولو طالبه بالقيمة لزم، وقد حكى ذلك عن القاضي أيضا في المختلف، وقال أنه غير جيد. ولو دفع في غير بلد الإطلاق أو الشرط وجب القبول مع مصلحة المقرض، ونفى في الدروس وجوب القبول وإن كان الصلاح للقابض، وفى التحرير: لو تبرع المستقرض بدفع المثل وامتنع المقرض كان له ذلك وإن لم يكن في حمله مؤنة، وحاصل ما أراد صاحب القواعد أن الحق لما كان حالا وكان لبلد الإِطلاق وبلد الشرط علاقة بوجوب الدفع فيه جمعنا بين الأمرين بأنه إن كان على المقرض ضرر كالاحتياج إلى حمله حيث كان ذا مؤنة أو الخوف من النهب ونحوه لم يجب القبول، وإلا وجب، وينبغى إبدال اشتراط المصلحة بعدم الضرر (١) ولا يجب دفع المؤجل سواء كان دينا أو ثمنا أو فرضا أو غير ذلك قبل الأجل، فإن تبرع لم يجب أخذه وإن انتفى الضرر يأخذه، ومع الحلول يجب قبضه، وإن امتنع دفعه إلى الحاكم ويكون من ضمان صاحبه وكذا البائع سلما يدفع إلى الحاكم مع الحلول وهو يبرأ من ضمان المشترى، وكذا كل من عليه حق حال أو مؤجل محل فامتنع صاحبه من أخذه، ولو تعذر الحاكم وامتنع صاحبه من أخذه فالأقرب أن هلاكه منه لا من المدين. وفى الكفاية: جاز الدفع إلى الحاكم، وأوجب في السرائر على الحاكم القبض ومنع من إجباره المستحق على قبضه أو إبرائه وهو ظاهر المبسوط في الأول وصريحه في الثاني، واستبعد ما في السرائر في الأمرين صاحب الدروس وقد حكم بهما في حواشيه على الكتاب فقال ليس له إجباره على القبض والإبراء، وحكى في المختلف عن أبى على أنه يجبره على الأخذ وحكى في سلم جامع المقاصد قولا بأنه إنما يقبضه الحاكم إذا سأله البائع إذا أجبر المسلم على القبض ولم يقبض، ثم استظهر أن له أن يقبضه وإن لم يجبره على قبضه إذا امتنع، وأنه لو لم يسأله لا يجب عليه قبضه، وأنه يجوز له ذلك وإن لم يسأله لأنه نائب مناب المالك وأنه ليس له إجباره إن لم يسأله المالك لأن يده يد رضى بها المشترى ولم يصدر منه ما ينافيه. قلت: وعلى ما استظهره يمكن تنزيل إطلاق كلام الأصحاب فتجتمع الكلمة ويبقى الكلام في كلام من أوجب دفعه إلى الحاكم بعد امتناعه من قبضه من أول مرة لعدم الدليل عليه، وحينئذ فله


(١) المرجع السابق جـ ٥ ص ٥٩، ص ٦٠ نفس الطبعة.