للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاختيار يصلح جوابا للأمر باليد لكونها تمليكا كالتخيير والواحدة صفة للاختيارة فصار كأنها قالت: اخترت نفسى بمرة واحدة وبذلك يقع الثلاث، ولو قالت قد طلقت نفسى بواحدة أو اخترت نفسى بتطليقة فهى واحدة بائنة لأن الواحدة نعت لمصدر محذوف وهو فى الأولى الاختيارة.

ولو قال: أمرك بيدك اليوم وغدا يدخل الليل فى ذلك فان ردت الأمر فى يومها لا يبقى الأمر فى يدها فى غد لأن هذا أمر واحد لأنه لم يتخلل بين الوقتين المذكورين وقت من جنسهما لم يتناوله الكلام وقد يهجم الليل ومجلس المشورة لا ينقطع، فصار كما اذا قال أمرك بيدك فى يومين، وعند أبى حنيفة رحمه الله أنها اذا أرادت الأمر فى اليوم لها أن تختار نفسها غدا لأنها لا تملك رد الأمر كما لا تملك رد الايقاع وجه الظاهر أنها اذا اختارت نفسها اليوم لا يبقى لها الخيار فى الغد. فكذا اذا اختارت زوجها يرد الأمر لأن المخير بين الشيئين لا يملك الا اختيار أحدهما، وان قال أمرك بيدك يوم يقدم فلان فقدم فلان فلم تعلم بقدومه حتى جن الليل فلا خيار لها، لأن الأمر باليد مما يمتد فيحتمل المقرون به، واذا جعل أمرها بيدها أو خيرها فمكثت يوما لم تقم فالأمر فى يدها ما لم تأخذ فى عمل آخر، ولو كانت قائمة فجلست فهى على خيارها، وكذا اذا كانت قاعدة أو متكئة فقعدت، ولو كانت قاعدة فاضطجعت ففيه روايتان عن أبى يوسف رحمه الله تعالى، ولو قالت أدع أبى أستشيره أو شهودا أشهدهم فهى على خيارها، وان كانت تسير على دابة أو فى محمل فوقفت فهى على خيارها وان سارت بطل خيارها وان قال لها: طلقى نفسك فقالت: أبنت نفسى طلقت، ولو قالت: قد اخترت نفسى لم تطلق لأن الابانة من ألفاظ‍ الطلاق، وينبغى أن تقع تطليقة رجعية بخلاف الاختيار لأنه ليس من ألفاظ‍ الطلاق ألا ترى أنه لو قال لامرأته: اخترتك أو اختارى ينوى الطلاق لم يقع، ولو قالت ابتداء اخترت نفسى فقال الزوج: قد أجزت لا يقع شئ الا أنه عرف طلاقا بالاجماع اذا حصل جوابا للتخيير.

واذا قال لامرأته: اختارى ينوى بذلك الطلاق، أو قال لها طلقى نفسك فلها أن تطلق نفسها مادامت فى مجلسها ذلك فان قامت منه أو أخذت فى عمل آخر خرج الأمر من يدها لأن المخيرة لها المجلس باجماع الصحابة، ولأنه تمليك الفعل منها، والتمليكات تقتضى جوابا فى المجلس كما فى البيع لأن ساعات المجلس اعتبرت ساعة واحدة الا أن المجلس تارة يتبدل بالذهاب عنه وتارة بالاشتغال بعمل آخر. ثم لا بد من النية فى قوله: اختارى لأنه يحتمل تخييرها فى نفسها ويحتمل تخييرها فى تصرف آخر