وان شاء من الامام عليهم وتركهم أحرارا بالذمة كما فعل سيدنا عمر رضى الله عنه بسواد العراق الا مشركى العرب والمرتدين فانه لا يجوز تركهم بالذمة وعقد الجزية، كما لا يجوز بالاسترقاق لما بينا.
وليس للامام أن يمن على الأسير فيتركه من غير ذمة لا يقتله ولا يقسمه، لأنه لو فعل ذلك لرجع الى المنعة فيصير حربا علينا.
فان قيل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم من على الزبير بن باطا من بنى قريظة وكذا من على أهل خيبر، فالجواب أنه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم من على الزبير ولم يقتله أما لأنه لم يثبت أنه ترك بالجزية أم بدونها فاحتمل أنه ترك بالجزية وبعقد الذمة، وأما أهل خيبر فقد كانوا أهل الكتاب فتركهم ومن عليهم ليصيروا أكرة للمسلمين، ويجوز المن لذلك، لأن ذلك فى معنى الجزية فيكون تركا بالجزية من حيث المعنى.
وهل للامام أن يفادى الأسارى؟ أما المفاداة بالمال فلا تجوز عند أصحابنا فى ظاهر الروايات.
وقال محمد: مفاداة الشيخ الكبير الذى لا يرجى له ولد تجوز.
والدليل على أن المفاداة بالمال لا تجوز أن قتل الأسرى مأمور به لقوله تعالى «فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ» وأنه منصرف الى ما بعد الأخذ والاسترقاق وقوله سبحانه وتعالى «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ» والأمر بالقتل للتوسل الى الاسلام فلا يجوز تركه الا لما شرع له القتل، وهو أن يكون وسيلة الى الاسلام، ولا يحصل معنى التوسل بالمفاداة فلا يجوز ترك المفروض لأجله ويحصل بالذمة والاسترقاق لما بينا، فكان اقامة للفرض معنى لا تركا له، ولأن المفاداة بالمال اعانة لأهل الحرب على الحراب لأنهم يرجعون الى المنعة فيصيرون حربا علينا وهذا لا يجوز.
ومحمد رحمه الله يقول: معنى الاعانة لا يحصل من الشيخ الكبير الذى لا يرجى منه ولد فجاز فداؤه بالمال.
ولكنا نقول: ان كان لا يحصل بهذا الطريق يحصل بطريق آخر وهو الرأى والمشورة وتكثير السواد.
وأما قوله تعالى «فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً» فقد قال بعض أهل التفسير ان الآية منسوخة بقوله تبارك وتعالى «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ،} وقوله تعالى: «قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ» .. }. الآية، لأن سورة براءة نزلت بعد سورة محمد عليه الصلاة والسّلام، ويحتمل أن تكون