للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية فى أهل الكتاب فيمن من عليهم بعد أسرهم على أن يصيروا أكرة للمسلمين، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل خيبر، أو ذمة كما فعل سيدنا عمر رضى الله عنه بأهل السواد ويسترقون.

وأما أسارى بدر فقد قيل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انما فعل ذلك باجتهاده ولم ينتظر الوحى فعوقب عليه بقوله سبحانه «لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ» حتى قال عليه الصلاة والسّلام: لو أنزل الله من السماء نارا ما نجا الا عمر رضى الله عنه، ويحتمل أن المفاداة كانت جائزة ثم نسخت بقوله تعالى «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ:} وعتاب النبى صلى الله عليه وسلم لا لحظر المفاداة بل لعدم انتظار الوحى.

وأما مفاداة الأسير بالأسير فلا تجوز عند أبى حنيفة رحمه الله.

وعند أبى يوسف ومحمد تجوز.

ووجه قولهما أن المفاداة انقاذ المسلم وذلك أولى من اهلاك الكافر.

ووجه قول أبى حنيفة أن قتل المشركين فرض بقوله تعالى: «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ» وقوله تعالى: «فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ» فلا يجوز تركه الا لما شرع له اقامة الفرض وهو التوسل الى الاسلام، لأنه لا يكون تركا معنى، وذا لا يحصل بالمفاداة، ويحصل بالذمة والاسترقاق فيمن يحتمل ذلك ولأن فى ذلك اعانة لاهل الحرب على الحرب، لأنهم يرجعون الى المنعة فيصيرون حربا على المسلمين.

ثم اختلف أبو يوسف ومحمد فيما بينهما.

قال أبو يوسف تجوز المفاداة قبل القسمة ولا تجوز بعدها.

وقال محمد تجوز فى الحالين.

ووجه قول محمد أنه لما جازت المفاداة قبل القسمة فكذا بعد القسمة لأن الملك ان لم يثبت قبل القسمة فالحق ثابت، ثم قيام الحق لم يمنع جواز المفاداة، فكذا قيام الملك.

ووجه قول أبى يوسف أن المفاداة بعد القسمة ابطال ملك المقسوم له من غير رضاه وهذا لا يجوز فى الأصل، بخلاف ما قبل القسمة، لأنه لا ملك قبل القسمة، انما الثابت حق غير متقرر فجاز أن يكون محتملا للابطال بالمفاداة.

ولا يجوز أن يعطى رجل واحد من الأسارى ويؤخذ بدله رجلان من المشركين، لأن كم من واحد يغلب اثنين وأكثر من ذلك، فيؤدى الى الاعانة على الحرب وهذا لا يجوز.

واذا عزم المسلمون على قتل الاسارى فلا ينبغى أن يعذبوهم بالجوع والعطش