للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغير ذلك من أنواع التعذيب، لأن ذلك تعذيب من غير فائدة، وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال فى بنى قريظة: لا تجمعوا عليهم حر هذا اليوم وحر السلاح، ولا يجوز التمثيل بهم لقوله عليه الصلاة والسّلام فى وصايا الأمراء: ولا تمثلوا.

ولا ينبغى للرجل أن يقتل أسير صاحبه، لأنه له ضرب اختصاص به حيث أخذه وأسره، فلم يكن لغيره أن يتصرف فيه كما لو التقط‍ شيئا، والأفضل أن يأتى به الامام ان قدر عليه حتى يكون الامام هو الحكم فيه، لتعلق حق الغزاة به فكان الحكم فيه للامام.

وأما الذى يجوز قتله من الأسارى فهو من بلغ اما بالسن أو بالاحتلام على قدر ما اختلف فيه.

فأما من لم يبلغ أو شك فى بلوغه فلا يقتل.

قال صاحب البدائع: (١) وأما بيان ما يحل قتله من الكفرة ومن لا يحل فنقول: اذا كان الحال بعد الفراغ من القتال وهى ما بعد الأسر والأخذ فكل من لا يحل قتله فى حال القتال لا يحل قتله بعد الفراغ من القتال، وكل من يحل قتله فى حال القتال اذا قاتل حقيقة أو معنى يباح قتله بعد الأخذ والأسر، الا الصبى والمعتوه الذى لا يعقل فانه يباح قتلهما حال القتال، اذا قاتلا حقيقة ومعنى، ولا يباح قتلهما بعد الفراغ من القتال اذا أسرا وان قتلا جماعة من المسلمين فى القتال، لأن القتل بعد الأسر بطريق العقوبة، وهما ليسا من أهل العقوبة وقتلهم حال القتال لدفع شر القتال وقد وجد الشر منهما فيباح قتلهما لدفع الشر، وقد انعدم الشر بالأسر، فكان القتل بعده بطريق العقوبة، وهما ليسا من أهلها، وبذلك فلا يجوز قتل امرأة ولا صبى ولا شيخ فان ولا مقعد ولا يابس الشق ولا أعمى ولا مقطوع اليد والرجل من خلاف ولا مقطوع اليد اليمنى ولا معتوه ولا راهب فى صومعة ولا سائح فى الجبال لا يخالط‍ الناس وقوم فى دار أو كنيسة ترهبوا وطبق عليهم الباب، أما لو قاتل واحد من هؤلاء فى اثناء القتال، حرض على القتال أو دل على عورات المسلمين أو كان الكفرة ينتفعون برأيه أو كان مطاعا وان كان امرأة أو صغيرا لوجود القتال من حيث المعنى، فانه يجوز قتلهم بعد الأسر، الا الصبى والمعتوه الذى لا يعقل فانه لا يباح قتلهما بعد الأسر، وان كان يباح قتلهما حال القتال اذا قاتلا حقيقة أو معنى.

وجاء فى البدائع (٢): لو قتل رجل من المسلمين أسيرا فى دار الحرب أو فى


(١) البدائع ج ٧ ص ١٠١.
(٢) البدائع ج ٧ ص ١٢١.