فهذه الشروط باطلة فى نفسها ويبطل بها النكاح لاخلالها بالمقصود منه وهو الدوام والاستقرار.
ولا يرى الحنابلة جواز اشتراط تطليق الضرة مع أنه داخل فى القسم الأول اذ فيه نفع لها ولا ينافى مقتضى العقد ولا يتضمن ابطال حق لم يجب ولا حق يجب بالعقد قبل انعقاده - وذلك لورود النهى عنه بالذات. فقد روى أبو هريرة رضى الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تشترط المرأة طلاق أختها (أى الزوجة الأخرى التى ينبغى أن تكون بمثابة الأخت) وفى لفظ أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تسأل المرأة طلاق أختها لتنكح والنهى يقتضى فساد المنهى عنه فيكون شرطا فاسدا. ولأنها شرطت عليه فسخ عقده وابطال حقه وحق امرأته فلم يصح كما لو اشترطت عليه فسخ بيعه والأمر فى شروط النكاح بالنسبة لغير الحنابلة يدور بين أن تكون شروطا صحيحة ولكن لا يجب الوفاء بها. أو شروطا فاسدة ولكن لا تأثير لها على العقد فتبطل ويصح العقد أو شروطا فاسدة تؤثر على العقد وتبطله.
أما بالنسبة للحنابلة فالشروط أقسام ثلاثة على نحو ما ذكر.
والخلاف بين الحنابلة وغيرهم هو فى القسم الأول اذ يرونه صحيحا ويجب الوفاء به ويراه غيرهم اما فاسدا وأما غير واجب الوفاء.
وقد استدل الحنابلة على وجوب الوفاء بتلك الشروط بقول النبى صلى الله عليه وسلم: أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج - وبقوله صلّى الله عليه وسلّم - المسلمون على شروطهم. ولأنه قول كثير من الصحابة رضوان الله عليهم فقد روى عن عمر بن الخطاب وسعد ابن أبى وقاص ومعاوية وكثير غيرهم - ولم يعلم لهم مخالف فكان اجماعا - وقد حكم عمر بمثل هذا - ولأنه شرط لا يمنع المقصود من النكاح فكان لازما كما لو اشترطت عليه زيادة فى المهر أو نقدا غير نقد البلد.
واستدل الأئمة الثلاثة على عدم لزوم هذه الشروط بقول النبى صلّى الله عليه وسلم - كل شرط ليس فى كتاب الله فهو باطل. وهذه الشروط ليست فى كتاب الله لأن الشرع لا يقتضيها وبحديث المسلمون على شروطهم الا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا.
وهذا يحرم الحلال وهو التزوج بأخرى والسفر بالزوجة. ولأن هذه الشروط ليست من مصلحة العقد ولا مقتضاه فكانت فاسدة .. وحديث أحق ما وفيتم به من الشروط محمول على الشرط الصحيح. وليس هذا منه.