للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما لو وطئ إحدى أختين ملكهما فإنه لا يلزمه تزويج الأخرى قطعًا لأنه تحريمها عليه قد يزول فتتوقع منه قضاء الشهوة. وإذا زوجها فالأصح أنه بالملك لا بالولاية لأنه يملك الاستمتاع بها.

والثاني: أنه بالولاية لما عليه من رعاية الحظ (أي رعاية مصلحتها) حتى أنه لا يزوجها بغير كفء. وتفريعا على القول الأصح: يزوج مسلم أمته الكتابية، ويزوج فاسق ومكاتب أمته. وعلى القول الثاني: لا يزوج واحد من الثلاثة، من ذكرت لأن المسلم لا يلى الكافرة (أي لا يكون وليا عليها) والفسق يسلف الولاية والرق يمنعها (١).

ولا يتزوج السيد مملوكته ملكا تاما أو بعضها؛ ولو ملك زوجته أو بعضها بطل الزواج أي انفسخ، وذلك إن كان ملكا تام بأن لا يكون لواحد منهما خيار مجلس أو غيره، لأن ملك اليمين أقوى من النكاح لأنه يملك به الرقبة والمنفعة والنكاح لا يملك به إلا ضربًا من المنفعة فسقط الأضعف بالأقوى (٢) ولا ينكح الحر أمة غيره إلا بشروط: أن لا تكون تحته حرة - مسلمة أو كتابية - تصلح للاستمتاع عرفا ولو مآلا كصغيرة أمن الزنا إلى صلاحها. وقيل. ولا يشترط أن تكون صالحة للاستمتاع كأن تكون صغيرة ولا مجنونة ولا مجذومة أو برصاء أو رتقاء لا طلاق النهى في حديث نهى عن أن تنكع الأمة على الحرة (رواه البيهقي عن الحسن مرسلا) وصاحب الرأى الأول يرى أن هذا الحديث مقيد بالحرة الصالحة للاستمتاع بالنظر إلى معناه. والشرط الثاني: أن يعجز عن حرة مسلمة أو كتابيه تصلح للاستمتاع بأن لا يجدها أو لا يقدر على صداقها، لقوله تعالى، {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ} أي الحرائر. وقوله: "المؤمنات" جرى على الغالب وقيل: لا يشترط أن تكون صالحة الاستمتاع بل يجوز أن تكون غير صالحة الاستمتاع كالقرناء والرتقاء فلو قدر على غائبة حلت له نكاح الأمة أن لحقه مشقة ظاهرة في قصدها والوصول إليها الاجتماع بها. أو خاف زنا مدة قصده فأن لم تلحقه مشقة ظاهرة في قصدها ولم يخف نفسه الزنا فلا تحل له الأمة وضبط الإمام المشقة المعتبره أن ينسب إليه في طلب الزوجة الغائبة الإسراف ومجاوزة الحد ولو وجد حرة بمهر مؤجل أو بدون مهر مثل وهو قادر علمه، فالأصح حل الأمة إذا كان يجد مهر الحرة بمؤجل، دون ما إذا وجدها بدون مهر المثل، لأنه قد لا يقدر على مهر الحرة عند حلول الأجل، وفى الثانية هو قادر على نكاح الحرة. وقيل: لا تحل له الأمة إذا وجد مهر الحرة بمؤجل وتحل له أن وجد الحرة بدون مهر ووجهة أن ذلك يمكنه من نكاح الحرة في الحالة الأولى، ووجه في الثانية إن وجدها بدون مهر يعرضه للمنة والنقص. وأجيب بأن المنة فيه قليلة لجريان العادة بالمسامحة في المهور. والشرط الثالث: أن يخاف الزنا بأن تغلب شهوته ويضعف تقواه، بخلاف من ضعفت شهوته أو قوى على مغالبة الشهوة، قال تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} أي الزنا. وعلم من هذا الشرط أن من تحته أمة لا ينكح أخرى، فلو أمكنه التسرى بشراء أمة فلا خوف في الأصح، فلا يحل له نكاح الأمة. والوجه الثاني: يحل له لأنه لا يستطيع طول الحرة. الشرط الرابع: إسلامها، فلا لحل الكتابية للحر لقوله تعالى:


(١) القليوبي وعميرة جـ ٣ ص ٢٣٩ و ٢٤٠.
(٢) القليوبي وعميرة جـ ٣ ص ٢٤٧.