للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنفسخ بذلك فالاجارة باقية بعد رد العين كما كانت قبله وان قلنا قد انفسخت بشراء المستأجر العين فلا تعود بردها وان كان المشترى أجنبيا فرد المستأجر العين المستأجرة على مؤجرها بعيب فينبغى أن تعود المنفعة فى باقى المدة الى بائعها لا الى مشتريها لأنه يستحق عوضا على المستأجر فاذا سقط‍ عاد اليه بدله.

أما تصرف مالك العين المستأجرة فى منفعتها مدة اجارتها فغير جائز لأنها صارت مملوكة لغيره وهو المستأجر فان تصرف نظرنا فى ذلك - فان كان تصرفه فى حال بدا للمستأجر فيها أن يتركها وكان ذلك قبل انقضاء المدة مثل أن يكترى دارا سنة فيسكنها شهرا ويتركها فيؤجرها المالك لغيره احتمل أن ينفسخ عقد المستأجر الأول فيما تصرف فيه المالك لأنه قد تصرف فيه قبل قبض المستأجر له لانعقاد المبادلة فى الاجارة آنا فآنا ويكون على المستأجر أجر ما مضى فلو كانت العين دارا فسكن المستأجر شهرا وتركها شهرا وأجرها المالك عشرة أشهر لزم المستأجر أجر شهرين فقط‍ (١).

وللمستأجر أن يؤجر العين لغيره ممن يساويه فى الانتفاع بها أو يكون دونه فى ذلك ويجوز أن يؤجرها لمالكها مطلقا لرضاه ذلك باقدامه على استئجارها وانما جاز له ذلك لأنه قد ملك منفعة العين بالاجارة فجاز له أن يستوفيها وأن يتصرف فيها وعلى هذا اذا اكترى دابة ليركبها كان له أن يركبها بنفسه وأن يركبها غيره ممن هو مثله أو أخف منه لأن العقد انما اقتضى استيفاء منفعة مقدرة بذلك الراكب فله أن يستوفيها بنفسه أو بنائبه وله أن يستوفى أقل منها لأنه استيفاء لبعض ما يستحقه فان شرط‍ عليه المالك ألا يستوفى الا لنفسه فقياس قول أصحابنا أن العقد صحيح والشرط‍ باطل فقد ذكروا فيمن شرط‍ عليه أن يزرع فى الأرض حنطة ولا يزرع فيها غيرها أن الشرط‍ يبطل ويصح العقد ويحتمل أن يصح الشرط‍ وهو أحد وجهين لأصحاب الشافعى. أحدهما يبطل الشرط‍ لأنه ينافى مقتضى العقد - وانما يجوز للمستأجر أن يؤجر العين لغير مؤجرها اذا تسلمها نص على ذلك أحمد وهو قول سعيد بن المسيب وأصحاب الرأى، وذكر القاضى فيه رواية أخرى مقتضاها عدم جواز اجارة العين المستأجرة لأنها تمليك لما لم يدخل فى ضمان المملك اذ المنافع قبل استيفائها معدومة فلم تدخل فى ضمان المستأجر لذلك وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن والرواية الأولى أصح لأن قبض العين يقوم مقام قبض منافعها بدليل جواز التصرف فيها وكذلك اجارة المنافع قبل قبض العين لا تجوز من غير مؤجرها فى أحد وجهين لأن المنافع مملوكة بعقد معاوضة فاعتبر فى جواز العقد عليها القبض كالأعيان - والوجه الآخر يجوز - اما اجازتها لمؤجرها قبل القبض ففيه أيضا وجهان عند من يرى عدم جواز الاجارة لغير المؤجر. اما عند من يرى جوازها فان ذلك يجوز عنده لثبوت يد المؤجر فى هذه الحال واما بعد القبض فجائزة واليه ذهب الشافعى (٢).


(١) المغنى ج‍ ٦ ص ٢٢ وما بعدها.
(٢) المغنى ج‍ ٦ ص ٥٣.