للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» (١)

ذكر الأقارب دون الأولاد لدخولهم فى قوله تعالى «مِنْ بُيُوتِكُمْ»،} لأن بيوت أولادهم كبيوتهم ولأن الرجل يلى مال ولده من غير تولية كمال نفسه.

مذهب الأحناف (٢): وإذا وهب الأب لابنه الصغير هبة ملكها الابن بالعقد، لأنه فى قبض الأب فينوب عن قبض الهبة، ولا فرق بين ما إذا كان فى يده أو فى يد مودعه، لأن يده كيده، بخلاف ما إذا كان مرهونا أو مغصوبا أو مبيعا بيعا فاسدا، لأنه فى يد غيره أو فى ملك غيره، والصدقة فى هذا كالهبة.

مذهب الشافعية (٣): وإن وهب للولد أو ولد الولد وإن سفل جاز أن يرجع لما روى ابن عمر وابن عباس رضى الله عنهما رفعاه إلى النبى صلى الله عليه وسلم «لا يحل للرجل أن يعطى العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما أعطى ولده»، ولأن الأب لا يتهم فى رجوعه لأنه لا يرجع إِلا لضرورة أو لإصلاح الولد، وإن تصدق عليه فالمنصوص أن له أن يرجع كالهبة، ومن أصحابنا من قال لا يرجع لأن القصد بالصدقة طلب الثواب وإصلاح حاله مع الله عز وجل، فلا يجوز أن يتغير رأيه فى ذلك، والقصد من الهبة إصلاح حال الولد، وربما كان الصلاح فى استرجاعه، فجاز له الرجوع، وإن تداعى رجلان نسب مولود ووهبا له مالا لم يجز لواحد منهما أن يرجع، لأنه لم يثبت له بنوته، فإن لحق أحدهما ففيه وجهان:

أحدهما: يجوز، لأنه فى ملك من يجوز له الرجوع فى هبته.

والثانى: لا يجوز، لأنه رجوع على غير من وهب له فلم يجز.

وأن وهب لولده شيئا فأفلس الولد وحجر عليه ففيه وجهان:

أحدهما: يرجع، لأن حقه سابق لحقوق الغرماء.

والثانى: لا يرجع، لأنه تعلق به حق الغرماء فلم يجز له الرجوع كما لو رهنه.

وللفقهاء فى جواز رجوعه فى الهبة شروط‍ هى محل خلاف بينهم (انظر رجوع).

مذهب المالكية (٤): جاء فى الشرح الصغير:

وصح حوز وأهب شيئا وهبه لمحجوره من صغير أو سفيه أو مجنون، كان وليه الواهب أبا أو غيره، لأنه هو الذى يحوز له. ثم قال (٥): وجاز للأب فقط‍ لا الجد اعتصارها أى الهبة، أى: أخذها من ولده قهراً عنه بلا عوض مطلقا، ذكرا كان أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، فقيراً أو غنياً، سفيهاً أو رشيداً، حازها الولد أولا.

مذهب الظاهرية (٦): جاء فى المحلى: ومن وهب هبة صحيحة لم يجز له الرجوع فيها أصلا مذ يلفظ‍ بها، إلا الوالد والأم فيما أعطيا أو أحدهما لولدهما، فلهما الرجوع فيه أبداً، الصغير والكبير سواء، وسواء


(١) سورة النور: ٦١.
(٢) الهداية ج‍ ٣ ص ١٨٢.
(٣) المهذب ج‍ ١ ص ٤٥٣.
(٤) الشرح الصغير ج‍ ٢ ص ٢٨٨.
(٥) المرجع السابق ص ٢٨٩.
(٦) المحلى ج‍ ٩ ص ١٢٧.