للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

له … » إلى غير ذلك مما جاء فى كتب الفقه (انظر صيد - حرم - موات).

الإذن العام من الشارع بالاستعمال:

يتناول إباحة المنافع العامة التي أباحها الشارع لاستعمال المعين بنص شرعى أو قاعدة عامة تتصل بمصالح العباد، وذلك كالطرق العامة، فحق المرور فيها ثابت للناس جميعا بالاباحة الأصلية ولأصحاب العقار المتصل بها أيضا بعض نواحى الانتفاع الأخرى كفتح الأبواب والنوافذ وغيرها مما لا ضرر فيه.

يقول الغزالى (١): فالشوارع على الإباحة كالموات إلا فيما يمنع الطروق (أى المرور) فلكل واحد أن يتصرف بما لا يضر المارة وكذلك الهواء كما يقول السرخسى (٢).

ويقول الفقهاء فى الطريق الخاص: «إن حق العامة يتعلق به أيضا فيستعملونه فيما شرع من أجله من المرور واللجوء إليه وقت الزحام ما دام أصحاب الطريق لم ينشئوا عند أحداثه ما يدل على تخصيصه بهم، والإذن الخاص من الشارع بإباحة الانتفاع بشئ مثل إباحة الرسول عليه الصلاة والسلام لأحد الأفراد أن يتزوج امرأة بما معه من القرآن دون أن ينقذها مهرا أو يشترط‍ لها التعلم كما فى الحديث المتفق عليه أن النبى صلى الله عليه وسلم وهب امرأة لرجل بقوله ملكتكها بما معك من القرآن، فقد أباح له المتعة بما لم يبحها به لغيره (٣).

ومن ذلك فيما يرى الخطابى الشخص الذى جامع امرأته فى نهار رمضان ولما ذهب إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقص عليه، قال له فى شأن الكفارة وكانت الإطعام:

«أذهب فأطعمه أهلك».

ويقول الخطابى: «إن الاذن فى اطعام الكفارة لأهله الذين تجب نفقتهم عليه كان رخصة له خاصة» (٤).

ومن ذلك الإذن للمسافر فى الفطر على ما ذكره ابن الحاجب والبيضاوى فى المنهاج. والإذن للطبيب بالاطلاع على عورة المرأة للعلاج إذا لم يكن متعينا لذلك العلاج وإلا كان واجبا لا مباحا.

إذن العباد بعضهم مع بعض: ويتحقق هذا فى أمرين، أحدهما: الأموال الخاصة التى يأذن فيها بعض الناس لبعض كاباحتهم الطعام والشراب إباحة عامة أو خاصة.

وكذا فى نثر الدراهم والورود أو ترك شئ من ذلك مع الإذن بأخذه، ففى هذه الجزئيات وأمثالها تسليط‍ على نفس العين وإباحة لاستهلاكها.

الثانى: منافع هذه الأموال، وكذا الحقوق التى تستباح بإباحة الأفراد وهى ما كانت حقا خالصا للعباد، لأنها تستباح بإباحة المالك وتتحقق الإباحة الخاصة فى ذلك بالإذن لأخر من مالك العين أو من مالك المنفعة لينتفع المأذون له بالعين على الوجه الذى أذن له فيه، كأن يأذن إنسان لآخر بأن يركب سيارته أو يضيفه للمبيت عنده أو يأذنه باجتياز ممره الخاص أو


(١) الوجيز ج‍ ١ ص ١٧٨.
(٢) المبسوط‍ ج‍ ٢٧ ص ٩.
(٣) نيل الأوطار ج‍ ٢ ص ١٧١.
(٤) البخارى بشرح الكرمانى ج‍ ٩ ص ١١٠ المطبعة المصرية.