للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على حفر بئر فى غير فنائه فوقع فيها انسان ومات.

فان كانوا يعلمون أنها من غير فنائه فالضمان عليهم، لأنهم جناة فى الحفر وأمره اياهم بالحفر غير معتبر شرعا، لأنه غير مالك للحفر بنفسه فى هذا الموضع، وانما يعتبر أمره لاثبات صفة الحل ولدفع الغرور عن الحافر به، وقد انعدما جميعا فى هذا الموضع فسقط‍ اعتبار أمره، فكان الضمان على الذين باشروا الحفر.

وان كان فى فنائه فالضمان على الآمر دون الاجراء علموا أو لم يعلموا، لأن أمره فى فنائه معتبر (١).

واذا حفر بئرا فى الطريق ثم جاء آخر فحفر منها طائفة فى أسفلها (أى عمقها) ثم وقع فيها انسان فمات، فانه ينبغى فى القياس أن يضمن الأول، كأنه الدافع، وبه يأخذ محمد، لأن الأول بما حفر من وجه الأرض يصير كالدافع لمن سقط‍ فى القعر الذى حفره صاحبه.

والاستحسان الضمان عليهما، لأن هلاكه كان بسبب فعلهما، فان الواقع فى البئر انما يهلك عند عمق البئر واتمام ذلك بفعل الثانى، وقد انضم فعله الى فعل الأول فى اتمام شرط‍ الاتلاف فيكون الضمان عليهما ..

ولو وسع أحد رأسها فوقع فيها انسان فمات كان الضمان عليهما نصفين.

وتأويل هذا ان الثانى وسع رأسها قليلا على وجه يعلم أن الساقط‍ انما وضع قدمه فى موضع بعضه من حفر الأول وبعضه من حفر الثانى (٢).

واذا سار الرجل على دابة فى الطريق، فنخسها رجل باذن الراكب كانت الدية عليهما جميعا اذا كان فى فورها الذى نخسها فيه، لأنه لما نخس باذن الراكب صار بمنزلة السائق والراكب فكان الضمان عليهما نصفين.

فأما اذا انقطع ذلك الفور كما اذا سارت ساعة وتركها من السوق فالضمان على الراكب خاصة (٣).

واذا أقاد الرجل قطارا فى طريق المسلمين فما وطئ أول القطار وآخره فالقائد ضامن له وان كان معه سائق فالضمان عليهما .. وهما مشتركان فى


(١) المبسوط‍ ج ٢٧ ص ١٥.
(٢) المبسوط‍ ج ٢٧ ص ١٦ - ١٧.
(٣) المبسوط‍ ج ٢٧ ص ٢.