للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحضر مجلس القاضى الفقهاء ليشاورهم فيما يشكل.

لقول الله تبارك وتعالى: «وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ» (١).

قال الحسن أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مشاورتهم لغنيا.

ولكن اراد الله تعالى أن يستسن بذلك الحكام.

ولان النبى صلّى الله عليه وسلّم شاور فى اسارى بدر.

فأشار ابو بكر رضى الله تعالى عنه بالفداء.

واشار عمر رضى الله تعالى عنه بالقتل.

وروى عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن ابا بكر رضى الله تعالى عنه كان اذا نزل به أمر يريد فيه مشاورة اهل الرأى والفقه دعا رجالا من المهاجرين، ورجالا من الانصار، ودعا عمر، وعثمان، وعليا، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبى بن كعب، وزيد ابن ثابت رضى الله تعالى عنهم، فمضى ابو بكر على ذلك.

ثم ولى عمر رضى الله تعالى عنه، وكان يدعو هؤلاء النفر.

فان اتفق امر مشكل شاورهم فيه.

فان اتضح له الحق حكم به.

فان لم يتضح أخره الى أن يتضح.

ولا يقلد غيره، لانه مجتهد فلا يقلد.

وقال ابو العباس أن ضاق الوقت وخاف الفوت بأن يكون الحكم بين مسافرين وهم على الخروج قلد غيره وحكم كما قال فى القبلة اذا خاف فوت الصلاة.

وان اجتهد فأداه اجتهاده الى حكم فحكم به ثم بان له أنه اخطأ.

فان كان ذلك بدليل مقطوع به كالنص والاجماع والقياس الجلى نقض الحكم لقول الله تبارك وتعالى، «وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ» (٢).

ولما روى عن عمر رضى الله تعالى عنه انه قال: ردوا الجهالات الى السنة.

وكتب الى أبى موسى لا يمنعك قضاء قضيت به ثم راجعت فيه نفسك فهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق، فان الحق قديم لا يبطله شئ، وأن الرجوع الى الحق أولى من التمادى فى الباطل، ولانه مفرط‍ فى حكمه غير معذور فيه فوجب نقضه.


(١) الآية رقم ١٥٩ من سورة آل عمران.
(٢) الآية رقم ٤٩ من سورة المائدة.