للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنقوض دليل الرجوع فمع النقض أولى وان نقضه ولم يخطه فالأشهر أنه ليس برجوع لأن العين بعد النقض قائمة تصلح لما كانت تصلح له قبل النقض ولو باع الموصى به أو أعتقه أو أخرجه عن ملكه بوجه من الوجوه كان رجوعا لأن هذه التصرفات وقعت صحيحة لمصادفتها ملك نفسه فأوجبت زوال الملك فلو بقيت الوصية مع وجودها لتعينت فى غير ملكه ولا سبيل اليه.

ولو باع الموصى به ثم اشتراه أو وهبه وسلم ورجع فى الهبة لا تعود الوصية لأنها قد بطلت بالبيع والهبة مع التسليم لزوال الملك والعائد ملك جديد غير موصى به فلا تصير موصى به.

ولو أوصى بعبد فغصبه رجل ثم رده بعينه فالوصية على حالها لأن الغصب ليس فعل الموصى والموصى به على حاله فبقيت الوصية الا اذا استهلكه الغاصب أو هلك فى يده فتبطل الوصية لبطلان محل الوصية وكذا أوصى بعبد ثم دبره أو كاتبه أو باع نفسه منه كان رجوعا لأن التدبير اعتاق من وجه أو مباشرة سبب لازم لا يحتمل الفسخ والنقض وكل ذلك دليل الرجوع والمكاتبة معاوضة الا أن العوض متأخرا الى وقت أداء البدل فكان دليل الرجوع كالبيع وبيع نفس العبد منه اعتاق فكان رجوعا.

ولو أوصى بعبد لانسان ثم أوصى أن يباع من انسان آخر لم يكن رجوعا وكانت الوصية لهما جميعا لأنه لا تنافى من الوصيتين لأن كل واحدة منهما تمليك الا أن احداهما تمليك بغير بدل والأخرى تمليك ببدل فيكون العبد بينهما نصفه لوصى له به ونصفه يباع للوصى له بالبيع.

ولو أوصى أن يعتق عبده ثم أوصى بعد ذلك أن يباع من فلان أو أوصى أولا بالبيع ثم أوصى بالاعتاق كان رجوعا لما بين الوصيتين من التنافى اذ لا يمكن الجمع بين الأعتاق والبيع فكأن الاقدام على الثانية دليل الرجوع عن الأولى وهذا هو الأصل فى جنس هذه المسائل أنه اذا أوصى بوصيتين متنافتين كانت الثانية مبطلة للأولى وهو معنى الرجوع وان كانتا غير متنافتين نفذتا جميعا، ولو أوصى بشاة ثم ذبحها كان رجوعا لأن الملك فى باب الوصية يثبت عن الموت والشاة المذبوحة لا تبقى الى وقت الموت عادة بل تفسد فكان الذبح دليل الرجوع.

ولو أوصى بثوب ثم غسله أو بدار ثم جصصها أو هدمها لم يكن شئ من ذلك رجوعا لأن الغسل ازالة الدرن والوصية لم تتعلق به فلم يكن الغسل تصرفا فى الموصى به وتجصيص الدار ليس تصرفا فى الدار بل فى البناء لأن الدار اسم للعرصة والبناء بمنزلة الصفة فيكون تبعا لدار والتصرف فى التبع لا يدل على الرجوع عن الأصل ونقص البناء فى تصرف البناء والبناء صفة وهى تابعة.

ولو أوصى لرجل أن يشترى له عبد بعينه ثم رجع العبد الى الموصى بهبة أو صدقة أو وصية أو ميراث فالوصية لا تبطل ويجب تنفيذها لأن الوصية ما وقعت بثمن العبد بل بعين العبد وهو مقصود الموصى وانما ذكر الشراء للتوسل به الى ملكه وقد ملكه فتنفذ فيه الوصية. ولو أوصى بشئ لانسان ثم أوصى به الآخر فجملة الكلام فيه أنه اذا أعاد عن الوصية الثانية الوصية الأولى والموصى له الثانى محل قابل للوصية كان رجوعا مالى لفلان ثم قال أوصيت بثلث مالى لفلان آخر ممن تجوز له الوصية فالثلث بينهما نصفان وكذا لو قال أوصيت بهذا العبد لفلان وهو يخرج من الثلث ثم قال أوصيت به لفلان آخر ممن تجوز له الوصية كان العبد بينهما نصفين.