ولو قال أوصيت بثلث مالى لفلان أو بعبدى هذا لفلان ثم قال الذى أوصيت به لفلان أو العبد الذى أوصيت به لفلان فهو لفلان كان رجوعا عن الأولى وامضاء للثانية وانما كان كذلك لأن الأصل فى الوصية بشئ لانسان ثم الوصية به الآخر هو الاشراك لأن فيه عملا بالوصيتين بقدر الامكان والأصل فى تصرف العاقل صيانته عن الأبطال ما أمكن وفى الحمل على الرجوع ابطال احدى الوصيتين من كل وجه وفى الحمل على الاشراك عمل بكل واحد منهما من وجه فيحمل عليه ما أمكن وعند الاعادة وكون الثانى، محلا للوصية لا يمكن الحمل على الاشراك لأنه لما أعاد علم أنه أراد نقل تلك الوصية من الأول الى الثانى ولا ينتقل الا بالرجوع فكان ذلك منه رجوعا هذا اذا قال الوصية التى أوصيت بها لفلان فهى لفلان وكذا اذا قال الوصية التى أوصيت بها لفلان قد أوصيتها لفلان أو فقد أوصيتها لفلان أما اذا قال وقد أوصيت بها لفلان فهذا يكون اشراكا لأن الواو للشركة والاجتماع ولو قال كل وصية أوصيت بها لفلان فهى باطلة فهذا رجوع لأنه نص على ابطال الوصية الأولى.
وهو من أهل الابطال والمحل قابل للبطلان فتبطل وهو معنى الرجوع ولو قال كل وصية أوصيت بها لفلان فهى حرام أو هى ربا لا يكون رجوعا لأن الحرمة لا تنافى الوصية فلم يكن دليل الرجوع.
ولو قال كل وصية أوصيت بها لفلان وأرثى كان هذا رجوعا عن وصيته لفلان ووصيته للوارث فيقف على أجازة الورثة لأنه نقل الوصية الأولى بعينها الى من يصح النقل اليه لأن الوصية للوارث صحيحة بدليل أنها تقف على أجازة بقية الورثة والباطل لا يحتمل التوقف.
واذا انتقلت اليه لم يبق للأول ضرورة وهذا معنى الرجوع ثم أن أجازت بقية الورثة الوصية لهذا الوارث نفذت وصار الموصى به للموصى له وان ردوا بطلت ولم يكن للموصى له الأول لصحة الرجوع لانتقال الوصية منه وصار ميراثا لورثة الموصى كما لو رجع صريحا.
ولو قال الوصية التى أوصيت بها لفلان فهى لعمرو ابن فلان وعمرو حى يوم قال الموصى هذه المقالة كان رجوعا عن وصيته لأن الوصية لعمرو وقعت صحيحة لأنه كان حيا وقت كلام الوصية فيصح النقل اليه فصح الرجوع.
ولو كان عمرو ميتا يوم كلام الواصى لم تصح الوصية لأن الميت ليس بمحل الوصية فلم يصح ايجاب الوصية له فلم يثبت ما فى ضمنه وهذا الرجوع.
ولو كان عمرو حيا يوم الوصية حتى صحت ثم مات عمرو قبل موت الموصى بطلت الوصية لأن نفاذها يكون عند موت الموصى وقد تعذر تنفيذ تلك الوصية عند موت الموصى له ميتا فكان المال كله للورثة.
ولو قال الثلث الذى أوصيت به لفلان فهو لعقب عمرو فاذا عمرو حى ولكنه مات، قبل موت الموصى فالثلث لعقبه ويكون رجوعا عن وصية فلان لأن قوله لعقب عمرو قد وقع صحيحا اذا كان لعرو عقب يوم موت الموصى لأن عقب الرجل من يعقبه بعد موته وهو ولده.
فلما مات عمرو قبل موت الموصى فقد صار ولده عقبا له يوم نفاذ الايجاب وهو يوم موت الموصى فصحت الوصية كما لو أوصى بثلث ماله لولد فلان ولا ولد له يومئذ ثم ولد له ولد ثم مات الموصى فان الثلث يكون له كذا ههنا.
ثم اذا صح ايجاب الثلث له بطل حق الأول فان مات عقب عمرو بعد موت عمرو وقبل موت الموصى رجع الثلث الى الورثة لأن الايجاب الأول قد صح لكونهم عقبا لعمرو فثبت الرجوع عن الأول.