للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى أثناء البحث عبر عنه بالمصلحة اذ قال (١): «وقد أختلف العلماء فى جواز اتباع المصالح المرسلة.

على أنه وعد بكشف معنى المصلحة.

كما أن الجلال المحلى فى شرحه على جمع الجوامع تأثر بهذا الاتجاه اذ قال (٢): ان الوصف الذى لم يدل الدليل على اعتباره ولا الغائه يعبر عنه بالمصالح المرسلة وبالاستصلاح.

هذا وقد اكتفى الغزالى أولا فى تصوير المصلحة بايراد أقسامها اذ قال:

المصلحة بالاضافة الى شهادة الشرع ثلاثة أقسام:

ثم انه عرفها بعد ذلك (٣) بأنها المحافظة على مقصود الشرع وهو خمسة أشياء:

أن يحفظ‍ عليهم دينهم، ونفسهم وعقلهم، ونسلهم، ومالهم.

فكل ما يتضمن حفظ‍ هذه الاصول الخمسة فهو مصلحة.

وكل ما يفوت هذه الاصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة.

ثم سماها وصفا مخيلا ومناسبا فقال: اذا أطلقنا المعنى المخيل والمناسب فى كتاب القياس أردنا به هذا الجنس.

وقال: ان هذه الاصول الخمسة حفظها واقع فى مرتبة الضرورات فهى أقوى المراتب فى المصالح.

وبهذا يتبين أن الغزالى عرف المصلحة فى أقوى مراتبها.

وقد وضح هذه الاشياء الخمسة بايراد أمثلة لها فقال: ومثاله قضاء الشرع بقتل الكافر المضل، وعقوبة المبتدع الداعى الى بدعته فان هذا يفوت على الخلق دينهم، وأيضا قضاؤه لا يجاب القصاص اذ به حفظ‍ النفوس، وقضاؤه بايجاب حد الشرب اذ به حفظ‍ العقول التى هى ملاك التكليف، وايجاب حد الزنى اذ به حفظ‍ النسل والانساب، وايجاب زجر الغصاب والسراق اذ به يحصل حفظ‍ الاموال التى هى معاش الخلق وهم مضطرون اليها، وتحريم تفويت هذه الاصول الخمسة والزجر عنها يستحيل ألا تشتمل عليه ملة من الملل، وشريعة من الشرائع التى أريد بها اصلاح الخلق، ولذلك لم تختلف الشرائع فى تحريم «الاعتداء» واحدة من الخمس المشار اليها.


(١) المستصفى ح‍ ١ ص ٢٨٤ المطبعة الاميرية الطبعة الاولى سنة ١٣٢٢ هـ‍.
(٢) ح‍ ١ ص ٢٩٨ الطبعة الاولى المطبعة العلمية بمصر سنة ١٣١٦ هـ‍.
(٣) المستصفى ح‍ ١ ص ٢٨٦.