للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعزل دينارا عوضه واشترى به فهو كالشراء له من غير أذن لأن الوكالة بطلت والدينار الذى عزله لا يصير للموكل حتى يقبضه فاذا اشترى للموكل به شيئا وقف على اجازة الموكل فان أجازه صح ولزمه الثمن والا لزم الوكيل وعنه يلزم الوكيل بكل حال.

وقال القاضى متى اشترى بعين ما له شيئا لغيره بغير اذنه فالشراء باطل لأنه لا يصح أن يشترى بعين ماله ما يملكه غيره (١).

نقل الأثرم عن أحمد فى رجل كان له على آخر دراهم فقال له اذا أمكنك قضاؤها فادفعها الى فلان وغاب صاحب الحق ولم يوصى الى هذا الذى أذن له فى القبض لكن جعله وكيلا وتمكن من عليه الدين من القضاء فخاف أن دفعها الى الوكيل أن يكون الموكل قد مات ويخاف التبعة من الورثة فقال لا يعجبنى أن يدفع اليه لعله قد مات لكن يجمع بين الوكيل والورثة ويبرأ اليهما من ذلك هذا ذكره أحمد على طريق النظر للغريم خوفا من التبعة من الورثة ان كان موروثهم قد مات فانعزل وكيله وصار الحق لهم فيرجعون على الدافع الى الوكيل فاما من طريق الحكم فللوكيل المطالبة وللآخر الدفع اليه فان أحمد قد نص فى رواية حرب اذا وكله وغاب استوفاه الوكيل وهو أبلغ من هذا لكونه يدرأ بالشبهات لكن هذا احتياط‍ حسن وتبرئة للغريم ظاهرا وباطنا وازالة التبعة عنه.

وفى هذه الرواية دليل على أن الوكيل انعزل بموت الموكل وان لم يعلم بموته لأنه اختار أن لا يدفع الى الوكيل خوفا من أن يكون الموكل قد مات فانتقل الى الورثة ويجوز أن يكون اختار أن هذا لئلا يكون القاضى لمن يرى أن الوكيل ينعزل بالموت فيحكم عليه بالغرامة وفيها دليل على جواز تراضى القبول على الايجاب لأنه وكله فى قبض الحق ولم يعلمه ولم يكن حاضرا فيقبل وفيها دليل على صحة التوكيل بغير لفظ‍ التوكيل (٢).

وللموكل عزل وكيله متى شاء وللوكيل عزل نفسه وتبطل بموت أحدهما أو جنونه المطبق ولا خلاف فعلمه فى ذلك مع العلم بالحال فمتى تصرف بعد فسخ الموكل أو موته فهو باطل اذا علم ذلك وان لم يعلم بالعزل ولا بموت الموكل ففيه روايتان:

أحدهما ينعزل وهو ظاهر كلام الخرقى فعلى هذا متى تصرف فبان أن تصرفه بعد عزله أو موت موكله فتصرفه باطل لأنه رفع عقد لا يفتقر الى رضا صاحبه فصح بغير علمه كالطلاق والعتاق.

والثانية لا ينعزل قبل علمه نص عليه أحمد فى رواية جعفر بن محمد لما فى ذلك من الضرر لأنه قد يتصرف تصرفات فتقع باطلة وربما باع الجارية فيطؤها المشترى أو الطعام فيأكله أو غير ذلك فيتصرف فيه المشترى ويجب ضمانه فيتضرر المشترى والوكيل ولأنه يتصرف بأمر الموكل فلا يثبت حكم الرجوع فى حق المأمور قبل علمه كالفسخ فعلى هذه الرواية متى تصرف قبل العلم صح تصرفه (٣).

واذا وقعت الوكالة مطلقة ملك التصرف ابدا ما لم يفسخ الوكالة وتحصل بقوله فسخت الوكالة أو أبطلتها أو نقضتها أو أزلتك أو حرمتك أو عزلتك عنها أو ينهاه عن فعل ما أمر به وما أشبه ذلك من الألفاظ‍ المقتضية عزله والمؤدية معناه أو بعزل الوكيل نفسه أو يوجد


(١) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٢١٦
(٢) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٢١٧ نفس الطبعة
(٣) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٢١٨ نفس الطبعة