الإمام واجب علينا سمعا وقالت المعتزلة والزيدية: بل عقلا.
وقال الجاحظ: الكعبى وأبو الحسين من المعتزلة بل عقلا وسمعا معًا .. وقالت الإِمامية والإسماعيلية: لا يجب نصب الإمام علينا .. بل على الله سبحانه وتعالى ..
وقالت الخوارج: لا يجب نصب الإمام أصلا. بل هو أمر جائز .. والدليل على أن نصب الإمام واجب وأن وجوبه بالشرع من وجهين:
الأول: أنه تواتر إجماع المسلمين في الصدر الأول بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على امتناع خلو الوقت من إمام حتى قال أبو بكر رضى الله عنه في خطبته المشهورة عقب وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أيها الناس: ألا إن محمدًا قد مات ولابد لهذا الدين ممن يقوم به .. فبادر الكل إلى قبوله وتركوا من أجله أهم الأشياء لديهم وهو دفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. ولم يزل الناس على ذلك في كل عصر إلى زماننا هذا من نصب إمام متبع في كل عصر.
والثانى: أن في نصب الإمام دفع ضرر محقق .. ودفع الضرر واجب شرعًا .. وبيان ذلك: أننا نعلم علمًا يقارب الضرورة أن مقصور الشارع فيما شرع من المعاملات والمناكحات. والجهاد والحدود والمقاصات وإظهار شعائر الدين في الأعياد والجمع .. إنَّما هو مصالح عائدة إلى الخلق معاشا ومعادا.
وذلك لا يتم إلا بإمام يكون من قبل الشارع يرجعون إليه فيما يعن لهم فإنهم على اختلاف الأهواء وتشتت الآراء وما بينهم من الشحناء قلما ينقاد بعضهم لبعض فيقضى ذلك إلى التنازع .. وربما يؤدى إلى هلاكهم جميعا. وتشهد لذلك التجربة .. ففى نصب الإمام دفع مضرة لا يتصور أعظم منها، بل نقول: إن نصب الإمام من أتم مصالح المسلمين، وأعظم مقاصد الدين، فحكمة الإيجاب الشرعى سمعًا".
وقال سعد الدين التفتازانى في شرح المقاصد (١): "نصب الإِمام بعض انقراض زمن النبوة واجب سمعًا عند أهل السنة وعامة المعتزلة وعقلا عند الجاحظ والخياط والكعبى وأبو الحسين البصرى .. وقالت الشيعة: هو واجب على الله تعالى فعندهم ليكون معلمًا في معرفة الله تعالى. وعند بعض الشيعة وهم الإمامية ليكون لطفا في أداء الواجبات العقلية .. واجتناب المقبحات العقلية. وعند بعضهم وهم الغلاة لتعليم اللغات وأحوال الأغذية والأدوية والسموم والحرف والصناعات والمحافظة عن الآفات والمخافات.
وقالت النجدات. وهم قوم من الخوارج أصحاب نجدة بن عامر: أنه ليس بواجب أصلا ..
وقال أبو بكر الأصم من المعتزلة: إنه لا يجب عند ظهور العدل والإنصاف بين الناس لعدم الحاجة إليه، ويجب عند ظهور الظلم …
وقد صرح السعد باسم الأصم. وقد جاء "بكتاب المنية والأمل" شرح الملل والنحل: أنه أبو بكر عبد الرحمن من كيسان المعتزلى. وكذلك ذكره إمام الحرمين في غيات الأمم وقد أخطأ بعض الناس فقال: إنه حاتم الأصم الزاهد البلخى المتوفى سنة ٢٣٧ هـ وتابع السعد كلامه فقال: وقال هشام القوطى منهم بالعكس أي يجب عند ظهور العدل لإظهار شرائع الشرع لا عند
(١) شرح المقاصد جـ ٢ ص ٢٧١ وما بعدها.