الاسلامية غنية بهذه الثمرات الطيبة من آثار السلف التى تعد من أعظم مفاخر المسلمين، والتى شهد لها العالم كله، واقتبس منها واضعو قوانينه فى الشرق والغرب، حتى اننا لنستطيع أن نقول انه ما من تشريع وضعى عادل عرفه العالم الا وهو مستمد من مذهب من مذاهب الفقهاء المسلمين، أو مندرج تحت قاعدة كلية أو نص عام أو خاص من نصوص الشريعة، عدا ما خرجت فيه القوانين الوضعية عن نطاق الاسلام من اباحة لشئ مما حرم الله، أو تحريما لشئ مما أباحه.
فالفقه الاسلامى اذن بأصوله وقواعده ومذاهبه، هو المصدر الأعظم للتقنين والتشريع فى مختلف العصور، وكتبه ومصنفاته هى المراجع الأصلية لكل من أراد أن يستقى من المنابع الصافية الشافية.
وفى هذا العصر الحديث آمن بهذه القضية كثير ممن كانوا لا يؤمنون بها واتجهت الأنظار الى هذا الفقه، رغبة فى الافادة منه، والتعويل عليه، والاقتباس من أحكامه فى مختلف مذاهبه. بيد أن كتبه ومصنفاته التى تحوى فوائده وغرره انما هى بحار زاخرة بعيدة الغور تحتاج الى غوص وبحث تمدهما تجربة ومعرفة لا يتيسران لكل الناظرين، ولا تتوافر أدواتهما لكثير من الباحثين. فكان من الآمال العظيمة التى تتردد فى نفوس المحبين لهذا الفقه المؤمنين بأنه هو صراط الله المستقيم، أن يكون له موسوعة منظمة منسقة مرتبة مصطلحاتها على حروف المعجم، تجمع شتاته، وتؤلف بين مذاهبه، وتضم الشبيه الى شبيهه، حتى يستطيع الناظر فيه، الراغب فى معرفة خوافيه، أن يجد الموضوع الواحد فى المكان الواحد، مهما تعددت المذاهب، واختلفت الأبواب والكتب، وتعددت الفروع، وأن يلم فى ايجاز بما استدل به القائلون فيما يحتاج الى بيان للمدارك ووجهات النظر.
وقد أراد الله جل شأنه أن تحتضن جمهورية مصر العربية فى عيدها الاسلامى الزاهر هذا العمل الضخم، فتشرع فى تصنيف موسوعة جامعة للفقه الاسلامى فى مذاهبه المشهورة، يحقق آمال الراغبين فيه، الحريصين عليه، وتكون منارة يهتدى بها كل من أراد الفقه السليم، والتشريع المستقيم.
ويقتضينا واجب الانصاف للحق وللعاملين المخلصين أن نسجل الحقائق الآتية: